#1
|
||||||||||
|
||||||||||
نصر العثمانيين بالدردنيل
مارست الدولة العثمانية سيادتها على مضيقي البوسفور والدردنيل، وبحر مرمرة، وكانت هذه المضايق تصل بين البحر الأسود وبحر إيجه الذي هو جزء من البحر المتوسط، ولم يكن للبحر الأسود مخرج يتصل عن طريقه بالبحار العامة إلا عبر هذه المضايق. وقد نجحت الدولة العثمانية في فرض سيادتها على هذه المضايق إذ كانت قوية شامخة وكان لها حرية التصرف كاملة بخصوص الملاحة في البحر الأسود والمرور منه وإليه. وبلغ من هيبة الدولة العثمانية في فترة قوتها أن الرعايا الروس إذا أرادوا ممارسة التجارة بين مواني البحر الأسود كان عليهم أن ينقلوا بضائعهم على سفن عثمانية تحمل العلم العثماني. وكان حرص الدولة العثمانية على بسط سيادتها في منطقة المضايق والبحر الأسود لا يقبل التفريط أو المهادنة باعتبار هذه السيادة عنصرا جوهريا من عناصر السياسة العليا للدولة. روسيا تسعى لاحتلال المضايق وقبل اشتعال الحرب العالمية الأولى ببضعة أشهر حاولت روسيا أن تحتل البوسفور والدردنيل، ولم يكن أمامها سوى افتعال أزمة سياسية مع الدولة العثمانية، ثم تصعيدها حتى تنقلب إلى حرب أوربية تتخذها روسيا ذريعة لإرسال قواتها المسلحة لاحتلال البوسفور والدردنيل في وقت مبكر، ولوضع العثمانيين والأوربيين أمام الأمر الواقع، لكن هذا المخطط لم يكتب له التنفيذ؛ لمعارضة بريطانيا له ورغبتها آنذاك في حل المشكلات الأوربية بالدبلوماسية لا بالحروب. العثمانيون والحرب العالمية الأولى ترتب على دخول الدولة العثمانية إلى جانب ألمانيا أن قامت بريطانيا وحليفاتها بهجوم على الدردنيل والبوسفور، وسعت لاحتلال مدينة إستانبول مقر الخلافة، واستعد العثمانيون لمثل هذا، وقاموا ببث حقول خفية من الألغام البحرية في مياه المضايق. أسباب الحملة البحرية على الدردنيل وكانت بريطانيا غير راغبة في خروج روسيا من الحرب وتخشى ذلك، ولم يكن أمامها هي وحلفائها سوى بسط السيطرة العسكرية على منطقة المضايق، ضمانا لإرسال الذخائر والأسلحة إلى روسيا وحثها على مواصلة الحرب. وفي الوقت نفسه كان الاستيلاء على المضايق يشد من أزر الدب الروسي ويرفع من معنوياته التي انهارت أمام شجاعة القوات الألمانية وانتصاراتها المتتالية. وفوق ذلك وعدت بريطانيا روسيا في حالة سيطرتها على منطقة المضايق بأنها ستهدي إليها مدينة إستانبول؛ لحثها على الثبات والصمود، ولم تكن هناك هدية أعظم من أن تكون المدينة التاريخية بين أنياب الدب الروسي، وهو الذي دام عقودا طويلة يحلم بعروس البوسفور. ويضاف إلى هذه الاعتبارات أن نجاح حملة الدردنيل يجعل في متناول بريطانيا وحلفائها المحاصيل الوافرة من القمح التي تنتجها أقاليم روسيا الجنوبية، وأن رُسُو الأسطول البريطاني أمام إستانبول يشطر الجيش العثماني شطرين، ويفتح الطريق إلى نهر الدانوب. إخفاق الأسطول البريطاني في اقتحام الدردنيل وقبل أن تتوغل بعض السفن البريطانية في مياه مضيق الدردنيل، ألقت بعض المدمرات قنابلها على الاستحكامات العسكرية العثمانية، ولم تتحرك هذه القوات للرد على هذا الهجوم ووقفت دون مقاومة، الأمر الذي بث الثقة في رجال الأسطول البريطاني، وأيقنوا بضعف القوات العثمانية وعجزها عن التصدي لهم، وتهيئوا لاستكمال حملتهم البحرية. وبعد مضي شهرين أو أكثر من هذه العملية توجهت قطع عظيمة من الأسطول البريطاني إلى الدردنيل، وهي لا تشك لحظة في سهولة مهمتها، واستأنفت ضرب الاستحكامات العسكرية الأمامية مرة أخرى، ثم اقتحم الأسطول البريطاني المضيق في جسارة، وكم كانت المفاجأة مروعة له، حين اصطدم بحقل خفي من الألغام في مياه الدردنيل، وأصيب بأضرار بالغة بسبب ذلك، وكان لهذا الإخفاق دوي هائل وصدى واسع في جميع أنحاء العالم، ولم تحاول بريطانيا اقتحام الدردنيل بحريا مرة ثانية. معاودة اقتحام المضيق من ناحية البر وكانت القوات البريطانية البرية تتألف في معظمها من جنود أستراليين ونيوزلنديين، وهم معروفون بالبأس الشديد في القتال، ويقود هذه القوات سير إيان هاملتون، وكانت القوات الفرنسية بقيادة الجنرال جورو تعزز البريطانيين. بدأت هذه القوات تصل إلى بعض المناطق في شبه جزيرة غاليبولي في شهر (جمادى الآخرة 1333هـ = أبريل 1915م)، حتى إذا اكتمل عددها بدأت هجومها على منطقة المضايق، ونزلت بعض قواتها في بعض المناطق، لكن خانها التوفيق في اختيار الأماكن الصالحة، إذ نزلت في أراض تنحدر تدريجيا نحو ساحل البحر، واشتركت في الإنزال كتيبة يهودية وأخرى يونانية. وقد انتهز الأتراك العثمانيون هذه الفرصة واصطادوا القوات البريطانية والفرنسية المهاجمة، وكانوا قد أكملوا استعدادهم لمواجهة هذا النزول المتوقع، وأظهروا بسالة فائقة وشجاعة نادرة أعادت إلى الأذهان أمجاد العسكرية العثمانية. وبينما كان القتال يدور في ضراوة بالغة أحرز الجنود المهاجمون نصرا على الأتراك (في 25 من رمضان 1333 هـ = 6 من أغسطس 1915م) بعد أن وصلت إليهم إمدادات كثيرة، ونجحوا في أخذ الأتراك على غرة، غير أن قائد القوات المهاجمة لم يستثمر هذا النصر الخاطف بأن يبدأ في التوغل نحو شبه جزيرة غاليبولي، وظل متباطئا دون تطوير هجومه، الأمر الذي جعل القوات العثمانية تنجح في صد المهاجمين، واسترداد ما تحت أيديهم وتكبيلهم خسائر فادحة بعدما وصلتهم إمدادات سريعة. نصر عثماني وانسحاب بريطاني وانتهت الحرب العالمية الأولى دون أن تنجح القوات البريطانية والفرنسية أو غيرهما في اقتحام المضايق، وإن كان ذلك لم يمنع هزيمة الدولة العثمانية في تلك الحرب. مصادر الدراسة: – عبد العزيز محمد الشناوي – الدولة العثمانية دولة إسلامية مفترى عليها – مكتبة الأنجلو المصرية – القاهرة – 1984. – هربرت فيشر – تاريخ أوربا في العصر الحديث – ترجمة أحمد نجيب هاشم، ووديع صايغ، دار المعارف – القاهرة – 1958م. – علي حسون – تاريخ الدولة العثمانية – المكتب الإسلامي – بيروت – الطبعة الثالثة: 1415 هـ = 1994. – يلمازا أوزتوما – تاريخ الدولة العثمانية – منشورات مؤسسة فيصل للتمويه – إستانبول – 1990م.
المصدر: منتديات كلك غلا kwv hguelhkddk fhg]v]kdg hguelhkddk |
أخر 5 مشاركات كلي حلا | |||||
المواضيع | المنتدى | المشارك الاخير | الردود | المشاهدة | آخر مشاركة |
برودكاست ضيق للبى بى | لـ iPhoneــــBlack Berry | 0 | 1913 | 02-14-2019 08:43 AM | |
برودكاست للبى بى تذكر | لـ iPhoneــــBlack Berry | 0 | 1739 | 02-14-2019 08:43 AM | |
برودكاست بلاك بيري حزينة | لـ iPhoneــــBlack Berry | 0 | 1716 | 02-14-2019 08:42 AM | |
برودكاست بلاك بيري الم | لـ iPhoneــــBlack Berry | 0 | 1690 | 02-14-2019 08:42 AM | |
برودكاست بى بى اسلاميه حلوة | لـ iPhoneــــBlack Berry | 0 | 1667 | 02-14-2019 08:42 AM |
مواقع النشر (المفضلة) |
الكلمات الدلالية (Tags) |
نصر, العثمانيين, بالدردنيل |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|