الرياح تعصف خارجا , الساعة تشير إلى الثانية و الربع بعد منتصف اليل , أحس بقليل من البرد يتحرك داخل الغرفة , عقارب الساعة و رقصاتها إختلطت بسمفونية الصمت , لا أعلم تحديدا ما أشعر به أهي الكآبة أم الفراغ , طبعا هذا الأمر لا يهمني , فما عدت أستشعر جسدي المكبل بهموم الحياة , و لا يهمني أيضا أن أروي قصة حياتي البائسة فقد مل العالم من قصص مماثلة , فلم يعد للبشر مكان في ساحة لذة الحياة , الكل , ما عدا البشر المتوحشون فهم الوحيدون القادرون على السير في هذا العالم المظلم دون الحاجة لفتح أعينهم لما هو آت .
لازال الصمت قائم , لعله النعاس يرمي بلساني للتفوه بهاته الحماقات عن العالم و أصحاب العالم و البؤساء مثلي , عادة ما يضحكني هذا الأمر لكن في هاته الساعة لا أميل لأي شيء سوى تذكر بعض الأمور عن عالم الجن , إنها المتعة الوحيدة التي أميل إليها , فقد سئمت هذا العالم , وقد سئمت و بل حتى عدت أعرف كل شيء عنه على حسب ظني , فأما الأمور التي لاأعرفها عن عالمنا فليس لي الشوق لمعرفتها .
أملك القليل من المعلومات عن العالم الخفي , فقد كنت أجوب الأنترنيت باحثا عن مقاطع فيديو تتحدث عن عالمهم , ورؤية أناس قد تعرضوا للمس من طرف الجن , هذا أمر لا أستطيع تأكيده بتاتا فليس لي تجربة سابقة في ذلك , لكن واقعية الأحداث و الأمور الدينية التي تسلط الضوء على ذلك هي بمثابة النار الحارقة للأفكار تنهش خيالي من كل الجوانب . كأن عالمهم يحدثني و يجذبني إليه , لطالما أحسست أنني في خطر و أن شيئا ما يداعب وجهي ليلطمه في النهاية , أرجو أن لاأكون محقا لكن تفاهات النهار ما عادت تستهويني , فأنا أعشق الليل و سكونه , أعشق الإبتعاد عن الناس و أتلطف بالسباحة داخل غياهيب عقلي , إنها الوحدة على ما أعتقد لكن لا بأس بها فلي فيها نسيم عليل يؤجج روح الحياة في داخلي .
سأخلد للنوم , إنه الوقت للإبتعاد قليلا , فغدا سأقوم بخطوة لم أخطها سابقا , أرجو أن أوفق في ذلك رغم ما سأقدم عليه , لكن في كلتا الحالتين أنا الخاسر و الربح ورقة قد مزقت قبل و أتلفت و أحرقت و لن تعود , أرجو أن يكون يوم غد هي الموجة التي سترميني إلى شاطئ النجاة فما عاد هنالك مزيد من الوقت على متن هذا القارب ...... يتبع