♦ الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي:
ï´؟ يَا مُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ ï´¾ يعني: المنَّ الذي كانوا يأكلونه والسَّلوى فكانا طعاماً واحداً ï´؟ فادع لنا ربك ï´¾ سله وقل له: أَخرِجْ ï´؟ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا ï´¾ وهو كلُّ نباتٍ لا يبقى له ساقٌ ï´؟ وقثائها ï´¾ وهو نوعٌ من الخضراوات
ï´؟ وفومها ï´¾ وهو الحنطة فقال لهم موسى عليه السَّلام:
ï´؟ أتستبدلون الذي هو أدنى ï´¾ أَيْ: أخسُّ وأوضع
بالذي هو خيرٌ أَي: أرفع وأجلُّ؟ فدعا موسى عليه السَّلام فاستجبنا له وقلنا لهم:
اهبطوا مصراً أنزلوا بلدةً من البلدان؟ فإنَّ لكم ما سألتم أَيْ: فإنَّ الذي سألتم لا يكون إلاَّ فِي القرى والأمصار ؟ وضُربت عليهم أَيْ: على اليهود الذين كانوا في عصر النبي صلى الله عليه وسلم ï´؟ الذلَّة يعني: الجزيةَ وزيَّ اليهوديَّة ومعنى ضرب الذِّلة: إلزامهم إيَّاها إلزاماً لا يبرح
؟ والمسكنة زي الفقر وأثر البؤس ï´؟ وباءوا احتملوا وانصرفوا ؟ بغضب من الله ذلك أَيْ: ذلك الضَّرب والغضب´؟ بأنّهم كانوا يكفرون بآيات الله التي أنزلت على محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم ´؟ ويقتلون النَّبيين أَيْ: يتولَّون أولئك الذين فعلوا ذلك
ï´؟ بغير حق ï´¾ أَيْ: قتلاً بغير حقٍّ يعني: بالظُّلم ï´؟ ذلك ï´¾ الكفر والقتل بشؤم ركوبهم المعاصي وتجاوزهم أمر الله تعالى.
♦ تفسير البغوي "معالم التنزيل":
قَوْلُهُ تَعَالَى: ï´؟ وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسى لَنْ نَصْبِرَ عَلى طَعامٍ واحِدٍ ï´¾، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ أَجْمَعُوا وَسَئِمُوا مِنْ أَكْلِ الْمَنِّ وَالسَّلْوَى، وَإِنَّمَا قَالَ: عَلى طَعامٍ واحِدٍ وَهُمَا اثْنَانِ، لِأَنَّ الْعَرَبَ تُعَبِّرُ عَنِ الِاثْنَيْنِ بِلَفْظِ الْوَاحِدِ كَمَا تُعَبِّرُ عَنِ الْوَاحِدِ بِلَفْظِ الِاثْنَيْنِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ï´؟ يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ [الرَّحْمَنِ: 22]، وَإِنَّمَا يَخْرُجُ مِنْ الْمَالِحِ دُونَ الْعَذْبِ، وَقِيلَ: كَانُوا يَأْكُلُونَ أَحَدَهُمَا بِالْآخَرِ فَكَانَا كَطَعَامٍ وَاحِدٍ، وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ: كَانُوا يَعْجِنُونَ الْمَنَّ بِالسَّلْوَى فَيَصِيرَانِ وَاحِدًا، ï´؟ فَادْعُ لَنا ï´¾: فَاسْأَلْ لِأَجْلِنَا رَبَّكَ ï´؟ يُخْرِجْ لَنا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِها وَقِثَّائِها وَفُومِها ï´¾، قال ابن عباس: الفوم الْخُبْزُ، وَقَالَ عَطَاءٌ: الْحِنْطَةُ، وَقَالَ الْقُتَيْبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: الْحُبُوبُ الَّتِي تُؤْكَلُ كُلُّهَا، وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: الثوم، وَعَدَسِها وَبَصَلِها، قالَ، لَهُمْ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنى: أخسّ وأردأ بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ: أَشْرَفُ وَأَفْضَلُ؟ وَجَعَلَ الْحِنْطَةَ أَدْنَى فِي الْقِيمَةِ وإن كانت هِيَ خَيْرًا مِنَ الْمَنِّ وَالسَّلْوَى، أَوْ أَرَادَ أَنَّهَا أَسْهَلُ وُجُودًا عَلَى الْعَادَةِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْخَيْرُ رَاجِعًا إِلَى اخْتِيَارِ اللَّهِ لَهُمْ وَاخْتِيَارِهِمْ لِأَنْفُسِهِمْ، ï´؟ اهْبِطُوا مِصْراً ï´¾، يَعْنِي: فَإِنْ أَبَيْتُمْ إِلَّا ذَلِكَ فَانْزِلُوا مِصْرًا مِنَ الْأَمْصَارِ، وَقَالَ الضَّحَّاكُ: هُوَ مِصْرُ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ لِأَنَّهُ لَوْ أَرَادَهُ لَمْ يَصْرِفْهُ، ï´؟ فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ ï´¾: من نَبَاتُ الْأَرْضِ، ï´؟ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ ï´¾: جُعِلَتْ عَلَيْهِمْ، وَأُلْزِمُوا
ï´؟ الذِّلَّةُ ï´¾: الذُّلُّ وَالْهَوَانُ، قيل: الجزية، وَقَالَ عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ: هُوَ الْكُسْتِيجُ وَالزُّنَّارُ وَزِيُّ الْيَهُودِيَّةِ، ï´؟ وَالْمَسْكَنَةُ ï´¾: الْفَقْرُ، سُمِّيَ الْفَقِيرُ مِسْكِينًا لِأَنَّ الْفَقْرَ أَسْكَنَهُ وَأَقْعَدَهُ عَنِ الْحَرَكَةِ، فَتَرَى الْيَهُودَ وَإِنْ كَانُوا مَيَاسِيرَ كأنهم فقراء، وقيل: الذلّة فَقْرُ الْقَلْبِ فَلَا تَرَى فِي أَهْلِ الْمِلَلِ أَذَلَّ وَأَحْرَصَ عَلَى المال من اليهود، ï´؟ وَباؤُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ï´¾: رَجَعُوا، وَلَا يقال: باء إلّا بالشر، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: احْتَمَلُوا وَأَقَرُّوا به، ومنه الدعاء: «أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ وَأَبُوءُ بِذَنْبِي»؛ أَيْ: أُقِرُّ؛ ذلِكَ، أَيِ: الْغَضَبُ، ï´؟ بِأَنَّهُمْ كانُوا يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ ï´¾: بِصِفَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآيَةِ الرَّجْمِ فِي التَّوْرَاةِ، وَيَكْفُرُونَ بِالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ، ï´؟ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ ï´¾، تَفَرَّدَ نَافِعٌ بِهَمْزِ النَّبِيِّ وَبَابِهِ، فَيَكُونُ مَعْنَاهُ: الْمُخْبِرُ، مِنْ أنبأ ينبئ ونبأ يُنْبِئُ، وَالْقِرَاءَةُ الْمَعْرُوفَةُ تَرْكُ الْهَمْزَةِ، وَلَهُ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا هُوَ أَيْضًا مِنَ الْإِنْبَاءِ تُرِكَتِ الْهَمْزَةُ فِيهِ تَخْفِيفًا لِكَثْرَةِ الِاسْتِعْمَالِ، وَالثَّانِي: هُوَ بِمَعْنَى الرَّفِيعِ مَأْخُوذٌ مِنَ النُّبُوَّةِ، وَهِيَ الْمَكَانُ الْمُرْتَفِعُ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ النَّبِيِّينَ عَلَى الْأَصْلِ، ï´؟ بِغَيْرِ الْحَقِّ ï´¾، أَيْ: بِلَا جُرْمٍ، فَإِنْ قيل: فلم قال بِغَيْرِ الْحَقِّ، وَقَتْلُ النَّبِيِّينَ لَا يَكُونُ إِلَّا بِغَيْرِ الْحَقِّ؟ قِيلَ: ذَكَرَهُ وَصْفًا لِلْقَتْلِ، وَالْقَتْلُ تَارَةً يوصف بالحق، وتارة يُوصَفُ بِغَيْرِ الْحَقِّ، وَهُوَ مِثْلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: ï´؟ قالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ ï´¾ [الأنبياء: 112]، ذكر الحق وصف للحكم لا أنّ حكمه تعالى يَنْقَسِمُ إِلَى الْجَوْرِ وَالْحَقِّ، وَيُرْوَى أَنَّ الْيَهُودَ قَتَلَتْ سَبْعِينَ نَبِيًّا في أول النهار، وقامت إلى سوق بقلها فِي آخِرِ النَّهَارِ، ï´؟ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ ï´¾: يَتَجَاوَزُونَ أَمْرِي ويرتكبون محارمي.