آخر 10 مشاركات
حال السلف في رمضان (الكاتـب : - )           »          Tmark اناقة ومظهرادم تحكي فخامتك (الكاتـب : - )           »          Tmark لاتضع حدود لنفسك تعيقك (الكاتـب : - )           »          عبدالله بن مسعود (رضي الله عنه) (الكاتـب : - )           »          ◄ ... سجـــل حضــورك بأســم ولـد ... ◄ (الكاتـب : - )           »          1 (40) 13رمضان (الكاتـب : - )           »          وأشرقت الأرض بنور ربها (الكاتـب : - )           »          محاسن الصيام (الكاتـب : - )           »          الاعتصام بالله في زمن غربة الإسلام (الكاتـب : - )           »          1 (31) درس رمزية رمضانية متحركة (الكاتـب : - )


العودة   منتديات كلك غلا > ۩ المنتدى الأدبي ۩ > ๑۩۞۩๑ القصص والروايات ๑۩۞۩๑

๑۩۞۩๑ القصص والروايات ๑۩۞۩๑ ۞ قصص وروايات لتمتعو بها قلوبكم وعقولكم ۞

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 12-26-2010, 12:04 AM   #11


الصورة الرمزية بقايا حب
بقايا حب غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2145
 تاريخ التسجيل :  Dec 2010
 أخر زيارة : 03-09-2021 (11:19 PM)
 المشاركات : 828 [ + ]
 التقييم :  113
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Gold
افتراضي رد: رواية (( أنـــــت لــــــــي ))




((أنت لــــــــــي))

الحلقة الخامسة



أشياء ثلاثة تشغل تفكيري و تقلقني كثيرا في الوقت الراهن

دراستي و امتحاناتي ، رغد الصغيرة ،
و الأوضاع السياسية المتدهورة في بلدتنا و التي تنذر بحرب موشكة !

إنه يوم
الأربعاء ، لم أذهب للمدرسة لأن والدتي كانت متوعكة قليلا في الصباح و آثرت البقاء إلى جانبها .

إنها بحالة جيدة الآن فلا تقلقوا


كنت أجلس على الكرسي
الخشبي خلف مكتبي الصغير ، و مجموعة من كتبي و دفاتري مفتوحة و مبعثرة فوق المكتب .

لقد قضيت ساعات طويلة و أنا أدرس هذا اليوم ، إلا أن الأمور الثلاثة لم
تبرح رأسي

الدراسة ، أمر بيدي و أستطيع السيطرة عليه ، فها أنا أدرس
بجد

أوضاع البلد السياسية هي أمر ليس بيدي و لا يمكنني أنا فعل أي شيء حياله
!

أما رغد الصغيرة
...

فهي بين يدي ... و لا أملك السيطرة على أموري
معها !

و آه من رغد
!

يبدو أن التفكير العميق في ( بعض الأشياء
) يجعلها تقفز من رأسك و تظهر أمام عينيك !

هذا ما حصل عندما طرق الباب ثم فتح
بسرعة قبل أن أعطى الفرصة المفروضة للرد على الطارق و السماح له بالدخول من عدمه !


" وليـــد وليـــــــــد و ليـــــــــــــــــــــــــد
! "


قفزت رغد فجأة كالطائر من مدخل الغرفة إلى أمام مكتبي مباشرة و هي
تناديني و تتحدث بسرعة فيما تمد بيدها التي تحمل أحد كتبها الدراسية نحوي !

" وليد علّمتنا المعلمة كيف نصنع صندوق الأماني هيا ساعدني لأصنع واحدا
كبيرا يكفي لكل أمنياتي بسرعة ! "

إنني لم أستوعب شيئا فقد كانت هذه الفتاة
في رأسي قبل ثوان و كانت تلعب مع سامر على ما أذكر !

نظرت إليها و ابتسمت و
أنا في عجب من أمرها !

" رويدك صغيرتي ! مهلا مهلا ! متى عدت ِ من المدرسة ؟
"

أجابتني على عجل و هي تمد يدها و تمسك بيدي تريد مني النهوض
:


" عدت الآن ، أنظر وليد الطريقة في هذه الصفحة هيا اصنع لي صندوقا
كبيرا ! "


تناولت الكتاب من يدها و ألقيت نظرة
!

إنه درس يعلم
الأطفال كيفية صنع مجسم أسطواني الشكل من الورق !
و صغيرتي هذه جاءتني مندفعة
كالصاروخ تريد مني صنع واحد !
تأملتها و ابتسمت ! و بما إنني أعرفها جيدا فأنا
متأكد من أنها سوف لن تهدأ حتى أنفذ أوامرها !

قلت
:

" حسنا سيدتي
الصغيرة ! سأبحث بين أشيائي عن ورق قوي يصلح لهذا ! "

بعد نصف ساعة ، كان
أمامنا أسطوانة جميلة مزينة بالطوابع الملصقة ، ذات فتحة علوية تسمح للنقود المعدنية ، و النقود الورقية ، و الأماني الورقية كذلك بالدخول !

رغد طارت
فرحا بهذا الإنجاز العظيم ! و أخذت العلبة الأسطوانية و جرت مسرعة نحو الباب !

" إلى أين ؟؟
"

سألتها ، فأجابتني دون أن تتوقف أو تلتفت إلي
:

" سأريها سامر
! "

و انصرفت
...

اللحظات السعيدة التي
قضيتها قبل قليل مع الطفلة و نحن نصنع العلبة ، و نلصق الطوابع ، و نضحك بمرح قد انتهت ...

أي نوع من الجنون هذا الذي يجعلني أعتقد و أتصرف على أساس أن هذه
الطفلة هي شيء يخصني ؟؟
كم أنا سخيف
!


انتظرت عودتها ، لكنها لم تعد
...
لابد أنها لهت مع سامر و نسيتني
!
نسيت حتى أن تقول لي ( شكرا ) ! أو أن
تغلق الباب !

غير مهم ! سأطرد هذا التفكير المزعج عن مخيلتي و أتفرغ لكتبي
... أو حتى ... لقضايا البلد السياسة فهذا أكثر جدوى !

بعد ساعة ، عادت رغد
...
كان الصندوق لا يزال في يدها ، و في يدها الأخرى قلما
.

اقتربت مني و
قالت :

" وليد ... أكتب كلمة ( صندوق الأماني ) على الصندوق
! "

تناولت الصندوق و القلم و كتبت الكلمة ، و أعدتهما إليها دون أي تعليق أو
حتى ابتسامة

هل انتهينا ؟

صرفت ُ نظري عنها إلى الكتاب الماثل أمامي
فوق المكتب ، منتظرا أن تنصرف

يجب أن تنتبه إلى أنها لم تشكرني
!

" وليد
... "

رفعت ُ بصري إليها ببطء ، كانت تبتسم ، و قد تورّد خداها قليلا
!

لابد أنها أدركت أنها لم تشكرني
!

قلت ُ بنبرة جافة إلى حد ما
:

" ماذا الآن ؟
"

" هل لا أعطيتني ورقة صغيرة ؟
"

يبدو أن
فكرة شكري لا تخطر ببالها أصلا !

تناولت مفكرتي الصغيرة الموضوعة على
المكتب ، و انتزعت منها ورقة بيضاء ، و سلمتها إلى رغد

أخذتها الصغيرة و
قالت بسرعة :

" شكرا
! "

ثم ابتعدت
...

ظننتها ستخرج إلا أنها
توجهت نحو سريري ، جلست فوقه ، و على المنضدة المجاورة و ضعت ( الصندوق ) و الورقة ... و همّت بالكتابة !

أجبرت عيني ّ على العودة إلى الكتاب المهجور ... لكن
تفكيري ظل مربوطا عند تلك المنضدة !


" وليد
... "


مرة أخرى
نادتني فأطلقت سراح نظري إليها ...


" نعم ؟
"


سألتني
:


" كيف أكتب كلمة ( عندما ) " ؟


نظرت ُ من حولي باحثا عن
( اللوح ) الصغير الذي أعلم رغد كيفية كتابة الكلمات عليه ، فوجدته موضوعا على أحد أرفف المكتبة ، فهممت بالنهوض لإحضاره ألا أن رغد قفزت بسرعة و أحضرته إلي قبل أن أتحرك !

أخذته منها ، و كتبت بالقلم الخاص باللوح كلمة ( عندما
) .

تأملتها رغد ثم عادت إلى المنضدة
...

بعد ثوان ، رفعت رأسها إلي
...

" وليد
! "

" نعم صغيرتي ؟
"

" كيف أكتب كلمة ( أكبُر ) ؟
"


كتبت الكلمة بخط كبير على اللوح ، و رفعته لتنظر إليه
.

ثوان
أخرى ثم عادت تسألني :


" وليد
! "


ابتسمت ! فطريقتها في نطق
اسمي و مناداتي بين لحظة و أخرى تدفع إي كان للابتسام !


" ماذا أميرتي ؟
"

" كيف أكتب كلمة ( سوف ) " ؟؟


كتبت الكلمة و أريتها إياها ،
صغيرتي كانت مؤخرا فقط قد بدأت بتعلم كتابة الكلمات بحروف متشابكة ، و لا تعرف منها إلا القليل ...
بقيت أراقبها و أتأملها بسرور و عطف
!
كم هي بريئة و بسيطة و
عفوية !
يا لها من طفلة
!

رفعت رأسها فوجدتني أنظر إليها فسألت مباشرة
:

" كيف أكتب كلمة ( أتزوج ) ؟
"


فجأة ، أفقت من نشوة التأمل
البريء ...

هناك كلمة غريبة دخيلة وصلت إلى أذني ّ في غير مكانها
!

حدقت في رغد باهتمام ، و اندهاش
...

هل قالت ( أتزوج
) ؟؟

أتزوج
!

ألا تلاحظون أنها كلمة ( كبيرة ) بعض الشيء ! بل كبيرة
جدا !

سألتها لأتأكد
:

" ماذا رغد ؟؟
"

قالت و بمنتهى
البساطة :

" أتزوج ! كيف أكتبها ؟؟
"

أنا مندهش و متفاجيء
...

و هي تنظر إلي منتظرة أن أكتب الكلمة على لوحها الصغير
...

أمسكت
بالقلم بتردد و شرود ... و كتبت الكلمة ( الكبيرة ) ببطء ، ثم عرضتها عليها فأخذت تكتبها حرفا حرفا ...
انتهت من الكتابة ، فوضعت اللوح على مكتبي ، في انتظار
الكلمة التالية ...

انتظرت
...
و أنتظرت
...
لكنها لم تتكلم


لم تسألني عن أي شيء
رأيتها تطوي الورقة الصغيرة ، ثم تدخلها عبر الفتحة
داخل صندوق الأماني !

( عندما أكبر سوف أتزوج ((.... )) ؟؟؟
)

الاسم
الذي تلا كلمة أتزوج هو اسم تعرف رغد كيف تكتبه !
كأي اسم من أسماء أفراد
عائلتنا أو صديقاتها ...
كـ وليد ، أو سامر ، أو أي رجل
!

رغد الصغيرة
!
ما الذي تفعلينه !؟؟

الآن ، هي قادمة نحوي
...
و الصندوق في يدها
...

" وليد اكتب أمنيتك
! "

" ماذا صغيرتي ؟؟
"

" أكتب أمنيتك
و ضعها بالداخل ، و حينما نكبر نفتح الصندوق و نقرأ أمنياتنا و نرى ما تحقق منها ! هكذا هي اللعبة ! "

إنني قد افعل أشياء كثيرة قد تبدو سخيفة ، أما عن وضعي
لأمنيتي في صندوق ورقي خاص بطفلتي هذه ، فهو أمر سأترك لكم أنتم الحكم عليه !
نزعت ورقة من مفكرتي ، و كتبت إحدى أمنياتي
!
فيما أنا اكتب ، كانت رغد
تغمض عينيها لتؤكد لي أنها لا ترى أمنيتي !

أي أمنية تتوقعون أنني أدخلتها
في صندوق الأماني الخاص بصغيرتي العزيزة ...؟؟

لن أخبركم
!

بعد فراغي
من الأمر ، طلبت مني رغد أن أحفظ الصندوق في أحد أرفف مكتبتي ، لأنها تخشى أن تضيعه أو تكتشف دانة وجوده فيما لو ضل في غرفتها !

" وليد لا تفتح الصندوق أبدا
! "

" أعدك بذلك
! "

ابتسمت رغد ، ثم انطلقت نحو الباب مغادرة الغرفة و
هي تقول :

" سأخبر سامر بأنني انتهيت
! "

بعد مغادرتها ، تملكتني
رغبة شديدة في معرفة ما الذي كتبته في ورقتها
كدت انقض وعدي و أفتح الصندوق من
شدة الفضول ...
لكني نهرت نفسي بعنف ... لن أخيب ثقة الصغيرة بي أبدا


( عندما أكبر سوف أتزوج .......... ؟؟؟
)

من يا رغد ؟؟

من ؟

من
؟؟





~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~




في عصر اليوم
ذاته ، قرر والدي أخذنا لنزهة قصيرة إلى أحد ملاهي الأطفال ، حسب طلب و إلحاح دانة !
أنا لم أشأ الذهاب ، فأنا لم أعد طفلا و لا تثير الملاهي أي اهتمام لدي ، إلا
أن والدتي أقنعتني بالذهاب من باب الترويح عن النفس لاستئناف الدراسة !
قضينا
وقتا جيدا ...
وقفت رغد أمام إحدى الألعاب المخيفة و أصرت على تجربتها
!
طبعا
لم يوافق أحد على تركها تركب هذا القطار السريع المرعب ، و كما أخبرتكم فإنها حين ترغب في شيء فإنها لن تهدأ حتى تحصل عليه !

و حين تبكي ، فإنها تتحول من رغد
إلى رعد !

والدي زجرها من باب التأديب ، إذ أن عليها أن تطيع أمره حين
يأمرها بشيء

توقفت رغد عن البكاء ، و سارت معنا على مضض
...

كانت
تمشي و رأسها للأسفل و دموعها تسقط إلى الأرض !

أنا وليد لا أتحمّل رؤيتها
هكذا مطلقا ... لا شيء يزلزلني كرؤيتها حزينة وسط الدموع !

" حسنا يا رغد
! فقط للمرة الأولى و الأخيرة سأركب معك هذا القطار ، لتري كم هو مخيف و مرعب ! "

أعترض والداي ، ألا أنني قلت
:

" سأمسك بها جيدا فلا تقلقا
"

اعتراضهما كان في الواقع على سماحي لرغد بنيل كل ما تريد

أنا أدرك أنني
أدللها كثيرا جدا
لكن
...
ألا تستحق طفلة يتيمة الأبوين شيئا يعوضها و لو عن
جزء من المائة مما فقدت ؟
تجاهلت اعتراض والدي ّ ، و انطلقت بها نحو القطار


ركبنا سوية ذلك القطار و لم تكن خائفة بل غاية في السعادة ! و عندما توقف و
هممت بالنزول ، احزروا من صادفت !؟؟

عمّار اللئيم
!

" من وليد ! مدهش
جدا ! تتغيب عن المدرسة لتلهو مع الأطفال ! عظيم ! "

تجاهلته ، و انصرفت و
الصغيرة مبتعدين ، ألا أنه عاد يلاحقني بكلام مستفز خبيث لم أستطع تجاهله ، و بدأنا عراكا جديدا !

تدخل مجموعة من الناس و من بينهم والدي لفض نزاعنا بعد دقائق
...

عمار و بسبب لكمتي القوية إلى وجه سالت الدماء من أنفه


كان يردد
:

" ستندم على هذا يا وليد ! ستدفع الثمن
"

أما رغد ، و التي كانت
تراني و لأول مرة في حياتها أتعارك مع أحدهم ، و أؤذيه ، فقد بدت مرعوبة و التصقت بوالدتي بذعر !

عندما عدنا للبيت وبخني أبي بشدة على تصرفي في الملاهي و
عراكي ...
و قال
:

( كنت أظنك أصبحت رجلا
! )

و هي كلمة آلمتني
أكثر بكثير من لكمات عمّار
استأت كثيرا جدا ، و عندما دخلت غرفتي بعثرت الكتب و
الدفاتر التي كانت فوق مكتبي بغضب
لا أدري لماذا أنا عصبي و متوتر هذا اليوم
...
بل و منذ فترة ليست بالقصيرة

أهذا بسبب الامتحانات المقبلة
؟؟

بعد قليل ، طرق الباب ، ثم فتح بهدوء
...
كانت رغد


" وليد
... "

ما أن نطقت باسمي حتى قاطعتها بحدة
:

" عودي إلى غرفتك يا رغد فورا
"

نظرت إلي و هي لا تزال واقفة عند الباب ، فرمقتها بنظرة غضب حادة و صرخت
:

" قلت اذهبي ... ألا تسمعين ؟؟
! "

أغلقت الصغيرة الباب بسرعة من
الذعر !

لقد كانت المرة الأولى التي أقسو فيها على رغد
...

و كم ندمت
بعدها

ألقيت نظرة على ( صندوق الأماني ) ثم أمسكت به و هممت بتمزيقه
!

ثم أبعدته في آخر لحظة
!
كنت أريد أن أفرغ غضبي في أي شيء أصادفه

إنني أعرف أنني يوم السبت المقبل سأقابل بتعليقات ساخرة من قبل عمّار و مجموعته

و كل هذا بسبب أنت أيتها الرغد المتدللة
...
لأجلك أنت أنا أفعل الكثير من
الأشياء السخيفة التي لا معنى لها !
و الأشياء المهولة ... التي تعني أكثر من
شيء ... و كل شيء ...

و التي يترتب عليها مصائر و مستقبل
...

كما
سترون ...

.................................................. ............................


تحياتي لكم ودمتم بود



 
 توقيع : بقايا حب



رد مع اقتباس
قديم 12-26-2010, 12:33 AM   #12


الصورة الرمزية آسطوره
آسطوره غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 347
 تاريخ التسجيل :  Nov 2009
 أخر زيارة : 10-14-2022 (03:41 PM)
 المشاركات : 12,905 [ + ]
 التقييم :  157
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female
لوني المفضل : Yellow
افتراضي رد: رواية (( أنـــــت لــــــــي ))



سأواصل معك باذن الله
هناك احداث مشوقه لاتحتمل الانتظار

لكن هذا مانص عليه ابداعك
اذن فلننتظر


 
 توقيع : آسطوره



رد مع اقتباس
قديم 12-26-2010, 01:22 AM   #13


الصورة الرمزية بقايا حب
بقايا حب غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2145
 تاريخ التسجيل :  Dec 2010
 أخر زيارة : 03-09-2021 (11:19 PM)
 المشاركات : 828 [ + ]
 التقييم :  113
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Gold
افتراضي رد: رواية (( أنـــــت لــــــــي ))



دائما حضورك يزين صفحاتنا .. أشكرك وردة على متابعتك الدائمة

وأتمنى أشوف تفاعل أكثر من باقي الأعضاء ولا يبخلوا بتلوين هذه الصفحات بمتابعتهم وردودهم ..

تقبلوا تحياتي ..


 

رد مع اقتباس
قديم 12-26-2010, 11:31 PM   #14


الصورة الرمزية بقايا حب
بقايا حب غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2145
 تاريخ التسجيل :  Dec 2010
 أخر زيارة : 03-09-2021 (11:19 PM)
 المشاركات : 828 [ + ]
 التقييم :  113
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Gold
افتراضي رد: رواية (( أنـــــت لــــــــي ))




(( أنت لــــــــــي ))
الحلقة الســــــادســـــة


لم استطع النوم تلك الليلة

جعلت أتقلب على فراشي و الأمور الثلاثة : الدراسة ، الحرب ، و رغد تآمرت
علي و سببت لي أرقا و صداعا شديدا
أوه يا إلهي ... أنا متعب ... متعب
!
فلتذهب الدراسة للجحيم
!
ولتذهب الحرب كذلك للجحيم
!
و رغد
...
رغد
...
فلأذهب أنا إلى رغد
!

قفزت من سريري في رغبة ملحة جدا لرؤية الصغيرة
...

لابد أنها غارقة في النوم الآن ... كم كنت قاسيا معها ! كم أنا نادم
!

سرت ببطء حتى دخلت غرفة رغد ، و تعجبت إذ رأيت الظلام مخيما عليها
!

صغيرتي تخاف النوم في الظلام الشديد و تصر على إضاءة النور الخافت


اقتربت من السرير و أنا أدقق النظر بحثا عن وجه الصغيرة ، إلا أنني لم أره


أضأت ُ المصباح الخافت المجاور لسريرها ، و أصبت بالفزع حين رأيت السرير
خاليا ...
نهضت مذعورا ... و تلفت من حولي ... ثم أنرت المصباح القوي و دققت
النظر في كل شيء ... لم تكن رغد في الغرفة ...
خرجت من الغرفة كالمجنون و ذهبت
رأسا إلى غرفة دانة ، ثم سامر ، ثم جميع غرف المنزل و أنحائه و لم أبق منه مترا واحدا دون تفتيش ... عدا غرفة والديّ
سرت و أنا أترنح و متشبث بأملي الأخير بأن
تكون رغد هناك ...

توقفت عند الباب ، و رفعت يدي استعدادا لطرقه فخانتني
قواي

ماذا إن لم تكن رغد هنا ؟أين يمكن أن تكون ؟

القلق بل الفزع و
الخوف على رغد تملكاني و ألقيا جانبا أي تفكير سليم من رأسي
طرقت الباب طرقات
متوالية تشعر أيا كان بالذعر !
ثوان ، و إذا بأمي تقف أمامي في فزع
:

" وليد ؟ خير يا بني ؟
"

التقطت عدة أنفاس متلاحقة ثم قلت
:

" هل رغد
هنا ؟ "

كنت أحدق بعين والدتي و كأنني أريد أن أخترقها إلى دماغها لأعرف
الجواب قبل أن تنطق به ...
قولي نعم أمي ... أرجوك
!

" نعم ! نامت هنا
"

كأن جبلا جليديا قد وقع فوق رأسي لدى سماعي إجابتها

ارتخت عضلاتي كلها
فجأة ، فترنحت و أنا أعود خطا للوراء حتى جلست على أحد المقاعد
والدتي أقبلت
نحوي ، و ألقت نظرة سريعة على ساعة الحائط ، ثم عادت تنظر إلي بقلق ...

" وليد ؟ ما بك عزيزي ؟
"

أغمضت عيني لثوان ، و أنا عاجز عن تحريك أي عضلة من
جسمي ...

ثم نظرت إليها و قلت بصعوبة
:

" قلقت حين لم أجدها في
غرفتها ... بل كدت أموت قلقا ... "

اقتربت مني والدتي ، و مسحت على رأسي و
قالت :

" هوّ ن عليك يا بني
...
جاءتني تبكي البارحة و تقول أنك غاضب
منها و أخرجتها من غرفتك !
كانت حزينة جدا
! "

ربما تريد أمي معاتبتي
لتصرفي مع رغد
أرجوك أمي يكفي فأنا قد نلت من تأنيب الضمير ما يكفي و يزيد
...
ألا ترين أنني لم أنم حتى هذه الساعة بسبب ذلك ...؟؟

" آسف لإزعاجك
أماه ، تصبحين على خير "



رغد
!
ما الذي تفعلينه بي !؟
نهضت
متأخرا في الصباح التالي ، و حينما ذهبت إلى المطبخ وجدت أمي مشغولة في إعداد الطعام فيما تلعب رغد ببعض الدمى إلى جوارها

عندما رأتني رغد ، ابتسمت لها
، ألا أنها قامت و التصقت بأمي ، كأنها تطلب الحماية !

تضايقت كثيرا من هذا
... هل أصبحت طفلتي الحبيبة تخاف مني ؟؟

" رغد ! تعالي إلي
... "

لم
تتحرك بل تشبثت بوالدتي أكثر ، الأمر الذي أشعرني بضيق شديد جدا فغادرت المطبخ فورا

ستنسى بعد قليل ... إنها مجرد طفلة و الأطفال ينسون بسرعة
!
بل من
الأفضل ألا تنسى حتى تبقى بعيدة عني و أتخلص من أحد همومي !
في المساء ، حضرت أم
حسام بطفليها حسام و نهلة لزيارتنا
أم حسام هي خالة رغد الوحيدة و التي كانت
ترعاها في السابق ، بعد وفاة والديها
حسام هو ابنها الأكبر و البالغ من العمر
سبع أو ثمان سنوات على ما أظن ، أما نهلة فتصغر رغد ببضعة أشهر
و يبدو أن ( أخا
جديدا ) على وشك الانضمام لهذه العائلة !
رغد تحب خالتها هذه كثيرا ، و الخالة
تتردد علينا من حين لآخر للاطمئنان على رغد

تحوّل بيتنا إلى ملعب أطفال
... لعب ، ضحك، بكاء ، شجار ، عراك ، هتاف ، صراخ !

كانوا جميعا سعداء ، أما أنا
فقد لزمت غرفتي و عكفت على الدراسة .

اختفت الأصوات تماما فيما بعد ،
فاستنتجت أن الضيوف قد رحلوا .

في وقت العشاء ، كنت أول الجالسين حول
المائدة فقد كنت جائعا ، و لم أكن قد تناولت أي وجبة رئيسية لهذا اليوم .

الكرسي المجاور لي هو الكرسي الذي تجلس عليه صغيرتي رغد عادة
و كنت
أساعدها في تناول الطعام دائما

اجتمع أفراد أسرتي حول المائدة ، إلا أن
الكرسي المجاور ظل شاغرا !

" أين رغد ؟؟
"

وجهت سؤالي إلى والدتي ،
فأجابت :

" أصرت على الذهاب مع خالتها و بما أن الغد هو يوم جمعة تركتها
تذهب لتبات عندهم ! "

اندهشت ، فهي المرة الأولى التي يحدث فيها شيء كهذا
... لطالما كانت الخالة تزورنا فلماذا تصر على الذهاب معها اليوم و اليوم فقط؟؟

لقد فقدت شهيتي للطعام ، و لم أتناول منه إلا اليسير
...

مساء
الجمعة ذهبت مع أبي لإحضار رغد من بيت خالتها

دخلت أنا للمنزل فيما ظل
والدي ينتظر في السيارة

لقد كان الأطفال ، رغد و نهلة و حسام ، يلعبون ببعض
الألعاب في إحدى الغرف
عندما رأوني توقفوا عن اللعب ، و اخذوا يحدقون بي
!

هل أبدو مرعبا ؟؟

ربما لأنني طويل و ضخم البنية نوعا ما
!

ابتسمت لهذه المخلوقات الصغيرة ثم قلت
:

" مرحبا أعزائي ! ألم
تكتفوا من اللعب ! "

لم يبتسم أي منهم أو يحرك ساكنا
!

وجهت نظري إلى
صغيرتي رغد ، و قلت أخاطبها :

" صغيرتي الحلوة ! حان وقت العودة إلى البيت
"

" لا أريد
"

كانت أول جملة تنطق بها رغد ! إنها لا تريد العودة
للبيت !

" ماذا رغد ؟ يجب أن نعود الآن فغدا ستذهبين إلى المدرسة
! "

" سأبقى هنا
"

" رغد ! سوف نأتي بك إلى هنا لتلعبي كل يوم إن أردت
! هيا فوالدنا ينتظر في السيارة "

لم يبد ُ أنها عازمة على النهوض
.

و الآن ؟؟ ماذا أفعل مع هذه الصغيرة ؟؟


كيف يجب أن يكون التصرف
السليم ؟؟

تدخلت أم حسام قائلة
:

" بنيتي رغد ، غدا سيحضرك وليد إلى
هنا من جديد . و كل يوم إذا أردت اللعب مع نهلة فتعالي و أحضري ألعابك أيضا "

" لا أريد
"

ثم بدأت بالبكاء
...

ربما تظن خالتها أننا نسيء
إليها بشكل ما !

ماذا جرى لهذه الصغيرة ؟ لماذا أصبحت لا تريد الاقتراب مني
؟ أكل هذا لأنني أخرجتها من غرفتي بقسوة تلك الليلة ؟
أم حسام أخذت تمسح على رأس
الصغيرة و تهدئها و تكرر

" غدا سيحضرك وليد إلى هنا عزيزتي
"

قلت ،
محاولا إغراءها بالحضور بأي طريقة :

" سنمر بمحل البوضا و نشتري لك النوع
الذي تحبين ! "

يبدو أن الفكرة أعجبتها ، فتوقفت عن البكاء و آخذت تنظر إلي
...

قالت خالتها مشجعة
:

" هيا بنيتي ، و عندما تأتين غدا سنشتري لك
و لنهلة و حسام المزيد من البوضا و الألعاب "

و أخذت تقربها نحوي حتى صارت
أمامي مباشرة

رفعت رغد رأسها الصغير و نظرت إلي


إنها نظرة لا
أستطيع نسيانها ما حييت ...

كأنها تعاتبني على قسوتي معها ... و تقول
... خذلتني !

مددت يدي و رفعت الصغيرة عن الأرض و ضممتها إلى صدري و قبلت جبينها


كيف لي أن أعتذر ؟

إنها اليتيمة التي و لو بذلت الدنيا كلها لأجلها
، ما عوضتها عن لحظة واحدة تقضيها في حضن أمها أو أبيها ...

قلت
:

" ماذا تودين بعد ؟ لعبة جديدة أم دفتر تلوين جديد ؟
"

قالت
:

" أريد
لعبة و أريد دفترا "

قلت
:

" يا لك من سيدة طماعة ! حاضر ! كما
تأمرين سيدتي ! "

فابتسمت لي أخيرا
...

شعرت بشيء ما يحرك بنطالي
...

نظرت إلى الأسفل فإذا بها نهلة تمسك ببنطالي و تهزه ، ثم تقول
:

" احملني
! "

نظرت إليها بدهشة و استغراب
!

" رغد تقول أنك
قوي جدا و كنت تحملها مع دانة سوية "



ربّاه
!!






~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~




في تلك الليلة
، جعلت رغد تنام على سريري للمرة الأخيرة ... و لونت معها كثيرا و قرأت لها أكثر من قصة ، و طبعا اشتريت لها أكثر من لعبة و أكثر من دفتر تلوين إضافة إلى البوضا !
ربما كانت هذه طريقتي في الاعتذار
!
إن كنت أدلل صغيرتي كثيرا فهذا لأنني
أحبها كثيرا ...
و هي نائمة على سريري بسلام ، أخذت أتأملها بعطف و محبة
...
كم هي رائعة
!
و كم أنا متعلق بها
!
كم يبدو هذا جنونا
!
ذهبت إلى
حيث وضعت صندوق الأماني ، فأخذته و جعلت أنظر إليه بحدة
كم تمنيت لو أن بصري
يخترق الصندوق إلى ما بداخله !
ليتني أعرف ... الاسم الذي تلا هذه الجملة


( عندما أكبر سوف أتزوج .... ؟
)

عندما تكبرين يا رغد
...

فقط عندما تكبرين
....

فإنني
...




~ ~ ~ ~ ~ ~



في أحد الأيام ، قررنا تناول بعض المشويات في المنزل


في
حديقة المنزل أعد والدي ما يلزم و أشعل الفحم

كان يوما جميلا ، و كنا
مسرورين لهذه ( النزهة المنزلية ) التي قلما تحدث

الأطفال ، سامرـ إن كنت
أعتبره طفلا ـ و دانة و رغد كانوا يتجولون هنا و هناك
سامر مهووس بدراجته
الهوائية و التي لا يتوقف عن قيادتها و العناية بها في جميع أوقات فراغه ، و رغد تهوى كثيرا الركوب معه ، و قد تعلمت كيف تقودها بنفسها
كانت تقود الدراجة فيما
يجلس سامر على المقعد الحفي ، و كانت تترنح ذات اليمين و ذات الشمال و تسقط بالدراجة من حين لآخر
ألا أنها كانت سقطات خفيفة غير مؤذية ، يستمتعان بها و
يضحكان مرحين !
دانة كانت تساعد أمي في إعداد اللحم ، فيما والدي يهف الجمر
فيزيده اشتعالا
كنت أنا أراقب الجميع في صمت و برود ظاهري ، بينما أشعر بشيء
يتحرك و يشتعل في صدري مثل ذلك الجمر ... لا أعرف ما يكون ...؟؟

ذهب والدي
لإحضار شيء ما ...
و ابتعاده عن الجمر أعطاني مجالا أوسع لأراقب اشتعاله و تأججه
...
و جحيمه
!

إن عيني ّ كانتا تتنقلان بين رغد و سامر على الدراجة ، و
بين الجمر المتقد ...

ثم شردت
...

فجأة ... ترنحت الدراجة و هي تسير
بسرعة ، تقودها رغد الصغيرة ، و قبل أن يتمكن سامر من إيقافها ارتطمت بشيء فسقطت ...

كان يمكن لهذه السقطة أن تكون عادية كسابقاتها لو أن الشيء الذي ارتطمت
الدراجة به لم يكن صينية الجمر المتقد ....

تعالت الأصوات و انطلق الصراخ
القوي يزلزل الأجواء ...

ركضنا جميعا نحو الاثنين بفزع
...

والدتي
تولول ، و دانة تصرخ ... و رغد تصرخ ... و سامر يتخبط مستنجدا ... صارخا ... من فرط الألم ...

جمرة واحدة أصابت رغد بحرق في ذراعها الأيسر
...

أما سامر
...

فقد انتهى بوجه مشوه مخيف ، و جفن منكمش يجعل العين اليمنى نصف مغلقة
... مدى الحياة ...

لقد كان حادثا سيئا جدا ... و انتهى يومنا الجميل بندبة
لا تمحى ...

و رغم العمليات التي خضع لها ، ألا أن وجه سامر ظل يحمل أثر
الحادثة المشؤومة إلى الأبد

رغد و التي خرجت من الحادث بأثر حرق واحد في
الذراع ، خرجت منه بآثار عميقة لا تمحى في الذاكرة و القلب

أما دانة ، فقد
غرست في نفس رغد الاعتقاد الأكيد بأنها السبب فيما حدث لسامر لأنها من كان يقود الدراجة وقتها

رغد أصبحت مرعوبة فزعة متوترة معظم الأوقات ... و أصبحت تخشى
النوم بمفردها و تصر على أن أبقى إلى جانبها حتى تدخل عالم النوم ، و كثيرا ما كانت تستيقظ فزعة من النوم في أوائل الأيام ... و تركض إلي ...

و المرة التي كنت
أعتقد أنها الأخيرة ، تلتها مرات أخرى ، نامت فيها الصغيرة في غرفتي ... طالبة الأمان و الطمأنينة ...

" وليد أنا خائفة ... النار مؤلمة
... "

" وليد لن أركب الدراجة ثانية ً
... "

" وليد لا أريد أن أبقى وحدي ... الجمر
يلاحقني ... "

" وليد ... عندما أكبر سأصبح طبيبة و أعالج سامر
" !


و في إحدى تلك المرات ، كتبت إحدى أمانيها و أدخلتها في ذلك الصندوق
!

و هذه المرة لم تسألني عن أية كلمة
...

لكنني أكاد أجزم بأنها كتبت
:

( يا رب اشف سامر
) !

توالت الأيام و الشهور ... و تأقلم الجميع مع
ما حدث ، و سامر اعتاد رؤية وجهه المشوه في المرآة و تقبله ، و استسلم الجميع إلى أنها حادثة قضاء و قدر ...

أما أنا
...

فأشك في أن شيطانا قد خرج من
صدري و قاد الدراجة نحو الجمر المتقد ...
و احرق سامر و رغد بنار كانت في صدري
...

و لم تزد النار صدري إلا اشتعالا

و لم تزد الحادثة الاثنين إلا
اقترابا ...

و لم تزدني الأيام إلا تعلقا و تشبثا و جنونا برغد
....
.........................


 

رد مع اقتباس
قديم 12-27-2010, 12:03 AM   #15


الصورة الرمزية آسطوره
آسطوره غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 347
 تاريخ التسجيل :  Nov 2009
 أخر زيارة : 10-14-2022 (03:41 PM)
 المشاركات : 12,905 [ + ]
 التقييم :  157
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female
لوني المفضل : Yellow
افتراضي رد: رواية (( أنـــــت لــــــــي ))



استمر ساكون على تواصل معك حتى النهايه باذن الله

دمت معنا اخي الكريم

ورودهـ


 

رد مع اقتباس
قديم 12-27-2010, 12:08 AM   #16


الصورة الرمزية بقايا حب
بقايا حب غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2145
 تاريخ التسجيل :  Dec 2010
 أخر زيارة : 03-09-2021 (11:19 PM)
 المشاركات : 828 [ + ]
 التقييم :  113
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Gold
افتراضي رد: رواية (( أنـــــت لــــــــي ))




(( أنـــت لـــــــــي ))

الحلقة السابعة





أنهيت دراستي الثانوية أخيرا !
إنني أريد الالتحاق بالجامعة ، ألا أن القصف الجوي الذي تعرضنا له مؤخرا
دمر مبنى الجامعة التي كنت أريدها
كما دمّر جزءا من المصنع الذي يملكه
والدي
أوضاع بلدنا في تدهور ، و الحرب منذ أن اندلعت قبل عامين تقريبا لم تتوقف
...
مستوانا المادي تراجع نتيجة لهذه الأحداث
.
الدراسة تعني لي الكثير
الكثير ، خصوصا بعدما حدث ...
إنها أحد أحلام حياتي
...
ما أكثر الأحلام
!

أتذكرون صندوق الأحلام الخاص برغد و الذي صنعته لها قبل ثلاث سنوات
؟
أضفت ُ إليه حلما جديدا يقول
:

( أريد أن أصبح رجل أعمال ضخم
! ) !

اعتقد أن الأمور الإدارية تليق بي كثيرا
!

وجدت فرصة هبطت علي ّ من
السماء لأبتعث للدراسة في الخارج ، شرط أن أجتاز أحد امتحانات القبول ، و الذي سأجريه بعد الغد

و ما أقرب بعد الغد
!

إن مصيري و مستقبلي معلّق بذلك
اليوم ...

إنني قد عدت لقراءة بعض المواضيع من المواد الدراسية المختلفة
استعداد له

ادعوا لي بالتوفيق
!

في الوقت الراهن أنا بدون شاغل ، أو
لنقل ... عاطل عن المستقبل !

خلال السنوات الثلاث الماضية ازداد طولي وحجمي
كثيرا و أصبحت عملاقا و ضخما !

تعديت طول والدي و أصبحت أشعر ببعض الخجل
كلما وقفت إلى جانبه !

أما صغيرتي المدللة ، فلم تتغير كثيرا
!

لا
تزال نحيلة و صغيرة الحجم ، كثيرة المطالب ، و شديدة التدلل !

و المنافسة
بينها و بين دانة حتى على الأشياء البسيطة لا تزال قائمة !

و اعتقد أنكم
تتوقعون أنني ...

لازلت مهووسا بها كما السابق ، بل و أكثر
...

وصلت
الآن إلى بوابة المدرسة الابتدائية ، و ها أنا أرى الفتاتين تقبلان نحو السيارة !

و راقبوا ما سيحصل
!

تتسابق الاثنتان نحو الباب الأمامي
...

تصل إحداهما قبل الأخرى بجزء من الثانية


تحاول كل واحدة فتح
الباب و الجلوس في المقعد المجاور لي

تتنازعان


تتشاجران


تحتكمان إلي
!


" وليد ! أنا وصلت قبلها
"

" بل أنا يا
وليد ... أليس كذلك ؟ "

" وليد قل لها أن تبتعد عني
"

" أنا من وصل
أولا ! دعها تركب خلفك وليد "

" كفى
! "


كل يوم تتكرر نفس القصة
! و الآن علي ّ أن أضع جدولا مقسما فيما بينهما !

" حسنا ... من التي كانت
تجلس قربي يوم أمس ؟ "


أجابت دانة
:

" أنا
"

قلت
:

" إذن ، اليوم تجلس رغد و غدا دانة و هكذا ! اتفقنا ؟؟
"


و
بزهو و نشوة الانتصار ، ركبت السيدة رغد و جلست على الكرسي الأمامي بجانبي !

فيما ترمق دانة بنظرات ( التحسير
) !

كم سأفتقد هاتين المشاكستين
!

" وليد تعلمنا درسا صعبا في ( الرياضيات ) أريدك أن تساعدني في حل
التمارين "

" حسنا رغد
"

" و أنا أيضا أريدك أن تساعدني في تمارين
القواعد "

" حسنا دانة
! "

قالت رغد بسرعة
:

" لكن أنا أولا
فأنا سألتك أولا "

قالت دانة
:

" درسي أنا أصعب . أنا أولا يا وليد
"

أنا أولا ... أنا أولا ... أنا أولا
...

ويلي من هاتين الفتاتين
!

كلا ! لن أفتقدهما أبدا
!

كنت معتادا على تعليم الفتاتين في أحيان
كثيرة ، خصوصا بعد تخرجي من المدرسة ...

مواقف كثيرة ، و كثيرة جدا ، هي
التي حصلت خلال السنوات الماضية و لكنني اختصرت لكم

قدر الإمكان
...

حينما وصلنا إلى البيت ، بالتحديد عندما هممت بإدخال المفتاح في الباب
لفتحه ، بدأت منافسة جديدة ...

" أعطني المفتاح أنا سأفتحه
"

" لا لا
، أنا سأفتحه وليد "

" لا تقلديني
! "

" أنت لا تقلديني
"

و
احتدم النزاع !

أوليت الباب ظهري و وقفت بين الفتاتين و عبست في وجهيهما
!

قلت بحدة
:

" أنا من سيفتح الباب و إن سمعتكما تتجادلان على هذا
المفتاح ثانية فتحت رأسيكما و أفرغت ما بهما "

المفروض أن نبرتي كانت حادة و
مهددة ، و تثير الخوف ! إلا أن رغد أخذت تضحك ببساطة !

التفت إليها و قلت
:

" لم الضحك ؟؟
"

قالت و هي تقهقه
:

" لن تجد شيئا في رأس
دانة من الداخل ! "

قالت دانة
:

" بل أنت الجوفاء الرأس ! أتعلمين
ماذا سيجد وليد في رأسك ؟ "

رغد
:

" ماذا ؟
"

دانة
:

" البطاطا المقلية التي تلتهمينها بشراهة كل يوم
! "

رغد ـ و هي تضحك بمرح ـ


" و أنت الفاصولياء التي أكلتها البارحة
"

و تبادلت الاثنتان مجموعة
من الأكلات و الأطباق المفضلة في رأسي بعضهما البعض حتى أصابتاني بالصداع و التخمة !!

قلت
:

" يكفي ! إنني من سيفتح رأسي أنا حتى ارمي بكما إلى الخارج
منه "

و استدرت ، و فتحت الباب ، فأسرعت دانة بالدخول لتسبق رغد ، بينما
سارت رغد ببطء و انتظرتني حتى دخلت ، ثم أقفلت الباب ...

" وليد
! "

التفت إليها و أنا ممتلئ ما يكفي و يزيد من سخافاتهما ، و قلت بتنهد
:

" ماذا بعد ؟؟
"

قالت
:

" أنا لا أريد أن أخرج من رأسك
"

اندهشت ! نظرت إليها باستغراب ، و قلت
:

" عفوا ؟؟
! "

رددت
:

" أنا لا أريد أن أخرج من رأسك
"

" و لماذا ؟؟
"

ابتسمت
بخبث و قالت :

" لكي أستطيع رؤية الناس من الأعلى فأنت
طويــــــــــــــــــــــــــــل "


ابتسمت لها بهدوء ، ثم فجأة ، مددت
يدي نحوها و رفعتها عن الأرض على حين غفلة منها إلى الأعلى عند رأسي و أنا أقول :

" هكذا ؟؟
"

رغد أخذت تضحك بسعادة و بهجة لا توصف
!

أتذكرون
كم كانت تعشق أن أحملها !؟
لا تزال كذلك
!

دخلت المنزل ، ثم المطبخ و أنا
لا أزال أحملها و هي تضحك بسرور ، ثم أجلستها على أحد المقاعد و ألقيت التحية على والدتي ، و التي كانت مشغولة بتجهيز أطباق المائدة

قالت أمي
:

" رغد
، هيا اذهبي و أدي صلاتك ثم اجلسي عند مائدة الطعام "

قامت رغد ، و هي تنزع
الحقيبة المدرسية عن ظهرها و تنظر إلى أمي و تقول :

" بطاطا مقلية ؟
"

" نعم ! حضرتها لأجلك
"

و انطلقت رغد فرحة ، و غادرت المطبخ
.

للعلم ، فإن صغيرتي هذه تحب البطاطا المقلية كثيرا
!

والدتي
استمرت في عملها و حدثتني دون أن تنظر إلي :

" لم تعد صغيرة
! "

ركزت
بصري عليها ، و قلت :

" رغد ؟ لقد كبرت قليلا
! "

" لم تعد صغيرة
لتحملها على ذراعيك "


غيرت كلمات والدتي هذه مجرى ما فهمت
...

إذن ، فهي معترضة على حملي للصغيرة هكذا ...؟

" و لكن ... إنها
مجرد طفلة صغيرة و خفيفة ! و هي تحب ذلك ... "

" إنها في التاسعة من العمر
يا وليد ... "


جملة والدتي هذه ، جعلت شريط الذكريات يعرض فجأة في
مخيلتي ...

تذكرت كيف حضرت إلى منزلنا قبل ست أو سبع سنين
... !

آه
... ( المخلوقة البكاءة ) !

يا للأيام
...

من كان ليصدق أنني ( ربيت
) رغد في جحري و أطعمتها بيدي و سرحت شعرها و نظفت أذنيها !
من جرّب أن يكون
أما و أبا ليتيمة ، و هو طفل أو حتى مراهق لم يبلغ العشرين !
يا للذكريات
!

في غرفتي لاحقا ، أخذت أقلب ألبوم الصور الذي يشمل أفراد عائلتي
...
صحيح ... لقد كبرت الصغيرة
!
مر الوقت سريعا
...
و ها أنا مقدم على
الجامعة ، و حين أسافر ... ... ...

توقفت عند هذا الحد
...
فأنا لا
أستطيع التفكير فيما بعد ذلك
كيف لي أن أبتعد عن أهلي و وطني ...؟
كيف لي أن
أتحمل الغربة و الوحدة ؟
كيف لصباح أن يطلع علي ، دون أن أحتسي شاي والدتي العطر
، و كيف لشمس أن تغرب دون أن أقرأ أخبار الصحف لوالدي ؟
كيف لعيني أن تغمضا دون
أن أتمنى لأخوتي نوما هانئا ...
كيف لقلبي أن ينبض ... دون أن أحمل رغد على
ذراعي ؟؟؟

إنني سأذهب لإجراء الامتحان بعد الغد و إذا ما اجتزته ، فسأغادر
البلد خلال أسبوع أو أكثر بقليل

إنها أفكار تجعلني أشعر بخوف و توجّس
...
هل أقوى على ذلك ؟؟
لابد لي من ذلك ... فأحوالنا في تدهور و شهادتي
الجامعية ستعني الكثير ...

المرشحون لهذا الامتحان قليلون ، و كانت فرصة
ذهبية أن أضيف اسمي إليهم و أنا واثق من قدرتي على اجتيازه ، بإذن الله ...

قلبت الألبوم و أنا في حيرة ... أي صورة آخذها معي ؟؟
ثم وقع اختياري
على صورة تضمنا جميعا ، تظهر فيها رغد متشبثة برجلي !
فيما ترتسم ابتسامة رائعة
على وجهها الجميل ...

" هذه هي
! "

أخذت الصورة ، و صورة أخرى لرغد و
هي تلوّن في أحد دفاترها ، و وضعتهما في محفظة جيبي .

في المساء ، ذهبت مع
أخي سامر لأحد المتاجر لاقتناء بعض الأشياء ، و وقفنا عند حقائب السفر رغبة في شراء بعضها

فيما كنا هناك ، حضر مجموعة من الشبان ، كان عمّار فيما بينهم
.

عمّار نجح بصعوبة ، و تخرج ـ رغم إهماله ـ من المدرسة الثانوية ، و اعتقد
أن والده ذا النفوذ الكبير قد استطاع تدبير مقعد دراسي له في إحدى الجامعات ... بطريقة ( غير قانونية ! )

عندما رآني عمّار ، أقبل نحوي تسبقه ضحكته البغيضة
، و قال :

" يبدو أن وليد ينوي السفر أيها الأصحاب ! هل عثر والدك على كرسي
جامعي شاغر لك !؟ أم أن حطام الجامعة قد حطّم قلبك يا مسكين ؟؟ "

و بدأ
مجموعة الشبان بالضحك و القهقهة

أوليتهم ظهري فقال عمّار
:

" لا
تقلق ! سأطلب من والدي أن يساعدك في البحث عن جامعة ! أو ... ما رأيك بالعمل عندنا ! فمصنعنا لم يحترق ! سأوصي بك خيرا ! "

سامر لم يتحمّل هذه السخرية من ذلك
اللئيم ، و ثار قائلا :

" لم يبق إلا أن يعمل الأعزة عند الأذلة المنحرفين
! "

صرخ عمّار قائلا
:

" اخرس أيها الأعور القبيح ! من سمح لك بالتحدث
! ألا تخجل من وجهك المفزع ؟ "

و التفت إلى أصحابه و قال
:

" اهربوا
يا شباب ! الأعور الدجال ! "

سيل من اللكمات العنيفة وجهتها بلا توقف و لا
شعور نحو كل ما وقعت قبضتي عليه من أجساد عمّار و أصحابه ...

لحظتها ، شعرت
برغبة في فقء عينيه و سلخ جلده ...

أخي سامر نال منهم أيضا


و احتدّ
العراك و تدخّل من تدخل ، و فر من فر ، و انتهى الأمر بنا تدخل من قبل الشرطة !

في تلك الليلة و للمرة الأولى منذ الحادثة المشؤومة ، سمعت صوت بكاء أخي
خلسة .

عندما أصيب بالحرق ، كان لا يزال طفلا في الحادية عشرة من العمر
... ربما لم يكن شكله يشغل تفكيره و اهتمامه بمعنى الكلمة ، أما الآن ... و هو فتى بالغ أعمق تفكيرا ، فإن الأمر اختلف كثيرا ...

ليلتها ، قال أنه يريد أن يخضع
لعملية تجميل جديدة ...
لكن أوضاعنا المادية في الوقت الحالي ، لا تسمح بذلك
....

عندما أحصل على شهادتي الجامعية ... و أعمل و أكسب المال ، فسوف أعرضه
على أمهر جراحي التجميل ، ليعيده كما كان ...

فقط عندما أحصل على شهادتي
...

في اليوم التالي ، وجدت سيارتي مليئة بالخدوش المشوهة
!

" إنه
عمّار الوغد ! تبا له ! "

أوصلت أخوتي للمدرسة ، و شغلت نفسي ذلك الصباح
بمزيد من الإعدادات للسفر المرتقب !

امتحاني سيكون يوم الغد ... لذا ، قضيت
معظم الوقت في قراءة مواضيع شتى من كتبي الدراسية السابقة ...

و كلما قلبت
صفحة جديدة من الكتاب ، قلبت صفحة من ألبوم الصور ...
كيف أستطيع فراق أهلي
...؟
كيف أبتعد عن رغد ؟
إنني أشعر بالضيق إذا ما مضت بضع ساعات دون أن أراها
و أداعبها ... و أنزعج كلما باتت في بيت خالتها بعيدا عني ...

فيما أنا
منهمك في أفكاري و قراءتي ، جاءتني رغد ... !

طرقت الباب ، ثم دخلت الغرفة
ببطء ، تاركة الباب نصف مفتوح ...

" وليد ... لدي تمرين صعب ... ساعدني بحله
"

لم يكن هناك شيء أحب إلي من تعليم صغيرتي ، ألا أنني يومها كنت مشغولا
... لذا قلت :

" اطلبي من والدتي أو سامر مساعدتك ، فأنا أريد أن أذاكر
! "

لم تتحرك من مكانها
!
نظرت إليها مستغربا و قلت
:

" هيا رغد
! أنا آسف لا أستطيع مساعدتك اليوم ! "

و بقيت واقفة في مكانها
...
إذن
فهناك شيء ما !
حفظت هذا الأسلوب
!

تركت الكتاب من بين يدي و نهضت ، و
قدمت إليها و جثوت على ركبتي أمامها :

" رغد ... ما بك ؟
"

تقوس فمها
للأسفل في حزن مفاجئ و قالت :

" هل صحيح أنك ستسافر بعيدا ؟
"

فاجأني
سؤالها ، إنني لم أكن أتحدث عن أمر السفر معها ، فالحديث سابق لأوانه ...

قلت مازحا
:

" نعم يا رغد ! إلى مكان بعيد لا يوجد فيه رغد و لا
دانة و لا شجار ! و سأترك رأسي هنا ! "

لم يبد ُ أنها فهمت مزاحي أو تقبلته
، إذ أن تقوس فمها الصغير قد ازداد و بدأت عيناها تحمرّان

قالت
:

" و هل ستأخذني معك ؟
"

هنا ... عضضت على شفتي و جاء دور فمي أنا ليتقوس حزنا
...
طردت الموجة الحزينة التي اعترتني


و قلت
:

" من أخبرك بأنني
سأسافر ؟؟ "

" سمعت والداي يتحدثان بهذا
"

مسحت على رأسها و قلت
:

" سأسافر فترة مؤقتة لأدرس ثم أعود
"

" و أنا ؟؟
"

" ستبقين مع الجميع و حالما أنهي دراستي سأعود و آخذك إلى أي مكان في العالم
! "

" لا أريدك أن تذهب وليد ! من الذي سيحبني كثيرا مثلك إذا ذهبت ؟
"

شعرت بخنجر يغرس في صدري
...

رغد ... أيتها الفتاة الصغيرة
... التي تربعت في كل خلايا جسمي ، ألا تعلمين ما يعنيه فراقك بالنسبة لي !؟؟
لا
أعرف إن كانت قد أحست بالطعنة التي مزقت قلبي أم أنني أهوّل الأمر ، ألا أن دموعها سالت ببطء من مقلتيها ...

دموع أميرتي التي تزلزل كياني
...
مددت يدي و
مسحت دموعها و أنا أحاول الابتسام :

" رغد ! عزيزتي ... لا يزال معك دانة و
سامر ... و أمي و أبي ... و نهلة و حسام و سارة ( و سارة هي الابنة الثانية لأم حسام ) مع أمهم ! و كل صديقاتك ! لن تكوني وحيدة ! أنا فقط من سيكون وحيدا ! "

قالت بسرعة
:

" خذني معك
! "

ضغطت على قبضتي ، و قلت
:

" يا ليت ! لا يمكنني ... صغيرتي ! لكنني عندما أعود
... "

و لم
أكمل جملتي ، رمت رغد بكتابها جانبا و قاطعتني بسيل من الضربات الخفيفة الموجهة إلى صدري ...

إلى قلبي
...

إلى روحي
...

إلى كل عصب حي في جسدي
...

و شريان نابض
...

" لا تذهب ... لا تذهب ... لا تذهب
... "

" رغد
... "

" أنت قلت أنك ستعتني بي كل يوم و دائما ! لا تذهب
... لا ... لا ... لا .. "

و أخذت تبكي بعمق
...

و كلما حاولت المسح على
رأسها أبعدت يدي و ضربت صدري استنكارا ...

ضرباتها لم تكن موجعة ، لو أنني
لم أكن مصابا ببعض الكدمات و الرضوض في صدري ، أثر عراكي الأخير مع عمّار و أصحابه ...
شعرت بالألم ، و لكنني لم أحرك ساكنا
...
تركت لها حرية التعبير عن
مشاعرها قدر ما تشاء ...
لم أوقفها ... لم أبعدها ... لم أنطق بكلمة بعد
...
إنها رغد التي تربت في حضني ... و عانقت ذات الصدر الذي تضربه الآن
...
ليتهم لم يحرقوا الجامعة
...
ليتهم لم يحرقوا المصنع
...
ليتهم أحرقوا
شيئا آخر ...
ليتهم أحرقوا عمّار
!

و يبدو أن صوت رغد قد وصل إلى مسامع
والدي فجاء إلى غرفتي و وقف عند فتحة الباب ...

عندما رأى ولدي رغد تضربني ،
غضب من تصرفها و بصوت حاد قال ، و هو واقف عند الباب :

" رغد ... توقفي عن
هذا "

رغد رفعت رأسها و نظرت إلى والدي ، ثم قالت
:

" لا تدعه يذهب
"

إلا أن أبي قال بحدة
:

" خذي كتابك و عودي إلى أمك ، و دعي وليد
يدرس "

لم تتحرك رغد من مكانها ، فرفع والدي صوته بغضب و قال
:

" ألم
تسمعي ؟ اذهبي إلى أمك و كوني فتاة عاقلة "

رغد التقطت كتابها من على الأرض
، و خرجت من الغرفة

أما قلبي أنا فكان يعتصر ألما
...

بعدها ، قلت
لأبي :

" لماذا يا أبي ؟ إنها ستظل تبكي لساعات ! جاءت تطلب مني تعليمها
"

والدي قال بغضب
:

" لقد كانت والدتك تعلّمها ، و حين جيء بذكر سفرك
، حملت كتابها و أتت إليك ، نهيناها فلم تطع "

قلت مستاءا
:

" لكنك
صرفتها بقسوة يا أبي "

لم تعجب جملتي والدي فقال
:

" أنت تدللها أكثر
من اللازم يا وليد ... يجب أن تعلمها أن تحترمك لا أن ترفع يدها عليك هكذا ، تصرف سيئ "

" لكني لا أستاء من ذلك يا أبي ... إنها مجرد طفلة ، كما أنني أتضايق
كثيرا إذا أساء أحد إليها ، والدي ... أرجوكم لا تقسوا عليها بعد غيابي ... "

من يدري ماذا يحدث ؟ بعد أن أغيب ...؟
هل سيسيء أحد إلى طفلتي
؟؟
إنني لا أقبل عليها كلمة واحدة
...
ليتني أستطيع أخذها معي
!

انتظرت حتى انصرف والدي من المنزل ، ثم فتشت عن رغد ، فوجدها في غرفتها
... و كما توقعت ، كانت غارقة في الدموع ...

أقبلت إليها و ناديتها
:

" رغد يا صغيرتي
... "

رفعت رأسها إلي ، فرأيت العالم المظلم من
خلال عينيها البريئتين ...
اقتربت منها و طوّقتها بذراعي ، و قلت
...

" لا تبكي يا عزيزتي فدموعك غالية جدا
... "

قالت
:

" لا تذهب ... وليد
... "

قلت
:

" لا بد أن أذهب ... فسفري مهم جدا
... "

" و أنا
مهمة جدا "

" طبعا أميرتي ! أهم من في الدنيا
! "

أمسكت بيدي في رجاء
و قالت :

" إذا كنت تحبني مثلما أحبك فلا تسافر
"

في لحظة جنون ، كنت
مستعدا للتخلي عن أي شيء ، في سبيل هذه الفتاة ...
و بدأت أفكار التخلي عن حلم
الدراسة تنمو في رأسي تلك اللحظة ...
ليتني ... أيا ليتني استمعت إليها
...
يا ليتني فقدت عقلي و جننت لحظتها بالفعل
...
لكنني للأسف ... بقيت
متشبثا بحلمي الجميل ....

" عزيزتي ، سأكون قريبا ... اتصلي بي كل يوم و
أخبريني عن كل أمورك ! و إذا تشاجرت معك دانة فأبلغيني حتى أعاقبها حين أعود ! "

نظرت إلي نظرة سأضيفها إلى رصيد النظرات التي لن أنساها ما حييت
...
ما حييت يا رغد لن أنسى هذه اللحظة
...

" وليد ... خذلتني ... لم أعد
أحبك "









رغد لم تكلمني طوال الصباح التالي ،
بل و لم تنظر إلي ...
كانت حزينة و قد غابت ضحكتها الجميلة و مرحها الذي يملأ
الأجواء حياة و حيوية ...
الجميع لاحظ ذلك ، و استنتجوا أنه بسبب موضوع سفري و
غضب والدي منها يوم الأمس ...
و كالعادة ، أوصلت سامر إلى مدرسته ، ثم دانة و
رغد ....
وهي تسير مبتعدة عن السيارة و متجهة نحو مدخل المدرسة ، كانت رغد
مطأطئة الرأس متباطئة الخطى
جعلت أراقبها قليلا ، فألقت علي نظرة حزينة كئيبة لم
أتحمل رؤيتها فابتعدت قاصدا المكان الذي سأجري فيه اختباري المصيري ...

المشوار إلى هناك يستغرق قرابة الساعة ، و كنت ألقي بنظرة على الساعة
بين الفينة و الأخرى خشية التأخر

أعرف أنها فرصة العمر و أي تأخير مني قد
يضيعها ...

حينما أوشكت على الوصول ، وردتني مكاملة هاتفية عبر هاتفي
المحمول من صديقي ( سيف ) يتأكد من وشوكي على الوصول . و سيف هذا هو أقرب أصحابي ، و هو مرشح معي أيضا لدخول الامتحان .
بعد دقيقة ، عاد هاتفي يرن من جديد
...
كان رقما مجهولا
!

" مرحبا ! لابد أنك وليد
! "

بدا صوتا غير
معروف ، سألته :

" من أنت ؟؟
"

قال
:

" يا لذاكرتك الضعيفة يا
مسكين ! يبدو أن الضرب الذي تلقيته من قبضتي قد أودى بقدراتك العقلية ! "

الآن استطعت تمييز المتحدث ... إنه عمّار
!


" عمّار ؟؟؟
!"

" أحسنت ! هكذا تعجبني
! "

استأت ، كيف حصل على رقم هاتفي الخاص و
ما الذي يريده مني ؟

" ماذا تريد ؟
"

" انتبه و أنت تقود ! أخشى أن
تصاب بمكروه ! "

" أجب ماذا تريد ؟؟
"

ضحك ذات الضحكة الكريهة و قال
:

" لا شك أنك في طريقك للامتحان ! أليس كذلك ! إن الوقت سيستغرق منك أقل من
ساعتين فيما لو قررت الذهاب إلى المطار ! "

ضقت ذرعا به ، قلت
:

" هل
لي أن أعرف سبب اتصالك ؟ فإما أن تقول ماذا أو أنه ِ المكالمة "

" رويدك يا
صديقي ! سأمهلك ساعتين فقط ، حتى تمثل أمامي و تعتذر قبل أن أسافر بهذه الصغيرة بأي طائرة ، إلى الجحيم ! "

بعدها سمعت صرخة جعلت جسدي ينتفض فجأة و يدي ترتعشان
، و المقود يفلت من بينهما ، و السيارة تنحرف عن حط مسيرها ، حتى كدت أصطدم بما كان أمامي لو لم تتدخل العناية الربانية لإنقاذي ....

" وليد ... تعال
... "

لقد كان صوت رغد
....

جن جنوني
...

فقدت كل معنى للقدرة على
السيطرة يمكن أن يمتلكه أي إنسان ... مهما ضعف

صرخت
:

" رغد ! أهذه
أنت رغد ؟؟ أجيبي "

فجاء صوت صراخها و بكاؤها الذي أحفظه جيدا يؤكد أن أذني
لا زالتا تعملان بشكل جيد ...

" رغد أين أنت ؟ رغد ردي علي ّ
"

فرد
عمّار قائلا :

" تجدنا في طريق المطار ! لا تتأخر فطائرتي ستقلع بعد ساعتين
... إلا إن كنت لا تمانع في أن أصطحب شقيقتك معي !؟ "

صرخت
:

" أيها
الوغد أقسم إن أذيتها لأقتلنك ... لأقتلنك يا جبان "

ضحك ، و قال
:

" لا تتأخر عزيزي و لا تثر غضبي ! تذكر ... طريق المطار
"

ثم أنهى المكالمة
...

استدرت بسيارتي بجنون ، و انطلقت بالسرعة القصوى متجها نحو المطار
...

لم أكن أرى الطريق أمامي ، الشوارع و السيارات و الإشارات ... اجتزتها
كلها دون أن أرى شيئا منها

لم أكن أرى سوى رغد


و أتذكر كيف كانت
تنظر إلي قبل ساعة ...

ثم أتخيلها في مكان بين يدي عمّار


لم أعرف
كيف أربط بين الأحداث أو أفكر في كيفية حدوث أي شيء ...

أريد أن أصل فقط إلى
حيث رغد

لا أعرف كم الوقت استغرقت
...

شهر ؟

سنة
؟

قرن ؟

بدا طويلا جدا لا نهاية له
...

و سرت كقارب تائه في
قلب المحيط ...

أو شهب منطلق في فضاء الكون
...

لا يعرف إلى أين
...

و متى


و كيف سيصل
...

و بم سيصطدم
...

أخذت هاتفي
و اتصلت برقم عمّار الظاهر لدي ، أجاب مباشرة :

" لقد انقضت عشرون دقيقة
! أسرع فشقيقتك ترتجف خوفا ! "

" إياك أن تؤذها ... و إلا
... "

" سأفعل إن تأخرت
! "

" أيها الـ ... ... ... دعني أتحدث إليها
"

جاءني
صوتها الباكي المذعور :

" وليد لا تتركني هنا
"

" رغد ... عزيزتي
أنا قادم الآن ... لا تخافي صغيرتي أنا قادم "

" أنا خائفة وليد تعال بسرعة
أرجوك ... آه ... أرجوك ... "

أي عقل تبقى لي ؟؟

لماذا لا تتحرك هذه
السيارة اللعينة ؟

لماذا لم اشتر صاروخا لمثل هذه الظروف ؟

لماذا لم
تحترق في الحرب يا عمّار ...

ألف لعنة و لعنة عليك أيها الجبان ... ويل لك
مني ..

بعد ساعة و نصف ، و فيما أنا منطلق كالبرق على الشارع المؤدي إلى
المطار ، إذا بي ألمح سيارة تقف جانبا ، و يقف عندها رجل

و أنا أقترب توضح
لي أنه عمّار

بسرعة ، أوقفت سيارتي خلف سيارته مباشرة و نزلت منها كالقذيفة
و ركضت نحوه ، في الوقت الذي فتح هو في الباب ، و أخرج رغد من السيارة ...
جاءت
رغد تركض نحوي فالتقطتها و رفعتها عن الأرض و أطبقت بذراعي حولها بقوة ...

" رغد ... رغد صغيرتي ... أنا هنا ... أنا هنا عزيزتي
"

رغد كانت تحاول أن
تتكلم لكنها لم تستطع من شدة الذعر ...

كانت ترتجف بين يدي ارتجاف الزلزال
المدمر ... كانت تحاول النطق باسمي لكن لم تستطع النطق بأكثر من

" و ... و
... و "

انهمرت دموعي كالشلال و أنا أضغط عليها و هي تضغط علي و تتشبث بي
بقوة و أشعر بأصابعها تكاد تخترق جسدي فيما ترفع رجليها للأعلى كأنما تتسلقني خشية أن تلامس رجلها الأرض و تفقدها الأمان ...

" أنا معك عزيزتي لا تخافي
... معك يا طفلتي معك ... "

حاولت أن أبعد رأسها قليلا عني حتى أتمكن من رؤية
عينيها و إشعارها بالأمان ، لكنها بدأت بالصراخ و تشبثت بي بقوة أكبر و أكبر كأنها تريد أن تدخل بداخلي ...

" وليد ! لديك امتحان مهم ! هل ستضيّع الفرصة ؟
"

قال هذا عمّار الوغد و أطلق ضحكة كبيرة
...

انتابتني رغبة في
تحطيمه ألا أن رغد عادت تصرخ حينما خطوت خطوة واحدة نحوه ...

" خسارة يا
وليد ! جرّب حظك في مصنع والدي ! "

و ابتسم بخبث
:

" دفّعتك الثمن
... كما وعدت "

ثم استدار و هم بركوب سيارته
...

خطوت خطرة أخرى
نحوه ، فأخذت رغد تصرخ بجنون :

" لا .. لا .. لا .. لا .. لا
"

انثنى
عمّار ليدخل السيارة ، ثم توقف ، و استقام ، و استدار نحوي و قال :

" نسيت
أن أعيد هذا ! "

و من جيب بنطاله أخرج شريطا قماشيا طويلا ، و رماه في
الهواء باتجاهي

رقص الشريط كالحية في الهواء ، وأنا أراقبه ، في نفس اللحظة
التي ظهرت فيها طائرة في السماء مخترقة قرص الشمس المعشية ، و دوت بصوتها في الأجواء ، فيما يتداخل صوتها مع صوت عمّار وهو يقول :

" إلى الجحيم
! "

ثم هبط الشريط المتراقص تدريجيا و بتمايل حتى استقر عند قدمي ّ
...

ركزت نظري على الشريط ، لأكتشف أنه الحزام الذي تلفه رغد حول خصرها ، و
التابع لزيها المدرسي الذي ترتديه الآن ...

رفعت نظري ببطء و ذهول و صعق
إلى وجه عمّار ، فحرك هذا الأخير زاوية فمه اليمنى بخبث إلى الأعلى في ابتسامة قضت علي ّ تماما ... و دمرتني تدميرا

أبعدت وجه رغد عن كتفي و أجبرتها على
النظر إلي ... فيما أنا عاجز عن رؤية شيء ... من عشي الشمس ... و هول ما أنا فيه ...

لم أر إلا دمارا و حطاما و نارا و جحيما
...

لهيبا ... و صراخا
... و دموعا تحترق ... و آمالا تتبعثر ... و أحلاما تظلم ...

سوادا في سواد
...

عند هذه اللحظة ، نزعت رغد عني عنوة ، و دفعت بها أرضا و نظرت من حولي
فإذا بي أرى صخور كبيرة قربي ...

التقطت واحدة منها ، و بسرعة لا تجعل مجالا
للمح البصر بإدراكها ، و قوة لا تسمح لشيء بمعاكستها ، رميتها نحو عمار و هو يهم بركوب سيارته ، فارتطمت برأسه ... و صرخ ... و ترنح لثوان ..

ثم هوى أرضا
...

و انتفض جسده
...

و انتزعت روحه
...

و إلى الجحيم
...

...................................


تحياتي لكم ودمتم بود




 

رد مع اقتباس
قديم 12-27-2010, 12:37 AM   #17


الصورة الرمزية بقايا حب
بقايا حب غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2145
 تاريخ التسجيل :  Dec 2010
 أخر زيارة : 03-09-2021 (11:19 PM)
 المشاركات : 828 [ + ]
 التقييم :  113
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Gold
افتراضي رد: رواية (( أنـــــت لــــــــي ))




أشكرك وردة على متابعتك الدائمة

تحياتي لك ..


 

رد مع اقتباس
قديم 12-27-2010, 03:35 PM   #18


الصورة الرمزية آسطوره
آسطوره غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 347
 تاريخ التسجيل :  Nov 2009
 أخر زيارة : 10-14-2022 (03:41 PM)
 المشاركات : 12,905 [ + ]
 التقييم :  157
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female
لوني المفضل : Yellow
افتراضي رد: رواية (( أنـــــت لــــــــي ))



فرحت ببدايتها حوار دانه ورغد وارتسمت على محياااي البسمات واخذت بالخيلات مع جوهم

وكيف تصرف وليد معهم ..


وبالنهايه حزن وخوووف ماذا يكون الليله من مفاجئه ...لو كان عمار الوغد ماات ياترى مصير وليد ...؟؟


انتظر حلقتك بشووق رغم الضرووف لكن سااحاول لدخول هنا


تحيااتي

ورودهـ


 

رد مع اقتباس
قديم 12-28-2010, 12:16 AM   #19


الصورة الرمزية بقايا حب
بقايا حب غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2145
 تاريخ التسجيل :  Dec 2010
 أخر زيارة : 03-09-2021 (11:19 PM)
 المشاركات : 828 [ + ]
 التقييم :  113
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Gold
افتراضي رد: رواية (( أنـــــت لــــــــي ))




(( أنت لـــــــــــــــــي ))

الحلقة الثامنة

وقفت جامدا في مكاني ، و أنا أراقب عمّار يترنح ، ثم يهوي ، و تسكن حركاته ...
كان دوي الطائرة يزلزل طلبتي أذني ... دققت النظر إليه ... لم يحرّك ساكنا
رفعت قدمي بصعوبة و حثثتها على السير نحو عمّار
بصعوبة وصلت قربه فرأيت عينيه مفتوحتين ، و الدماء تسيل من أنفه ، و صدره ساكنا عن أية أنفاس ...
أدركت ... أنه مات ... و إنني أنا ... من قتله
استدرت للخلف و عيناي تفتشان عن رغد ...
صغيرتي الحبيبة ...
مدللتي الغالية ...
مهجة قلبي ...
رأيتها تقف بذعر عند سيارتي ، و تنظر إلي و دموعها تنهمر بغزارة ، فيما يستلقي حزامها القماشي على الرمال الناعمة بكل هدوء ...

بتثاقل و بطء ، بانهيار و ضعف شديدين ، سرت باتجاهها ...
نفذ كل ما كان في جسدي من طاقة ، فكأنما كنت أعمل على بطارية انتزعت مني و تركتني بلا طاقة و لا حراك ...

في منتصف الطريق ، انهرت ...

خررت على الأرض كما تخر قطعة قماش كانت متدلية كالستار المثبت إلى الحائط و ارتطمت ركبتاي بالرمال ... و هبطت أنظاري برأسي نحو الأرض ...
رفعت رأسي بصعوبة و نظرت إلى رغد ، و هي لا تزال واقفة في نفس الموضع و الوضع ...
بصعوبة فتحت ذراعي قليلا ، و قلت بصوت مخنوق خرج من رئتي :

" تعالي ... "

رغد نظرت إلي دون أن تتحرك ، فعدت أقول :

" تعالي ... رغد "

الآن ، أقبلت نحوي بسرعة ، و بقوة ارتمت في حضني و كادت تلقيني أرضا ...
طوّقتني بذراعيها بقوة ، و حين حاولت تطويقها أنا عجزت إلا عن رمي ذراعي المنهارتين حولها بضعف

بكيت كثيرا ... و كثيرا جدا ...
لما ضاع ... و لما انتهى ..
و لما هو آت و محتوم ...

بقينا على هذا الوضع بضع دقائق ، لا أقوى على قول أو فعل شيء ... و السكون التام يسيطر على الأجواء ...

كان طريقا بريا موحشا ، و لم تمر بنا أية سيارة حتى الآن ...

استعدت من القوة ما أمكنني من تحريك يدي قليلا ، فجعلت أمسح على رأس طفلتي و أنا أقول بحرقة و مرارة :

" سامحيني يا رغد ... سامحيني ... "

رغد استردت أنفاسها التائهة ، و قالت و وجهها لا يزال مغمورا في صدري :

" دعنا نعود للبيت "

أبعدت رأسها قليلا عني و سمحت لأعيينا باللقاء ... و أي لقاء ؟؟
لقاء مبلل بسيول عارمة من الدموع الدامية
لم يجد لساني ما يستطيع النطق به ...
حاولت النهوض أخيرا ، و ذراعاي تجاهدان من أجل حمل الصغيرة ، ففشلت

أطلقت صيحة حسرة و ألم مريرة تمنيت لو أنها زلزلت الكون كله ، و حطمت كل الأجرام و الكواكب و من عليها ... و محت الدنيا من الوجود ...

و طفلتي الصغيرة تبكي على صدري مذعورة فزعة ... و عدوّي الوغد جثة هامدة تقطر دما ... و حلمي الكبير قد ضاع و تلاشى كغبار عصفت به ريح غادرة ...
و مصيري المجهول البعيد ... كما وراء الأفق ... و الساحة الخالية إلا من رغد وأنا ... و الشمس تشهد ما حدث و يحدث ... رفعت يدي إلى السماء ... و صرخت :

" يا رب .... "

استطعت أخيرا أن اشحن بالطاقة الكافية ، لأنهض و أحمل صغيرتي على ذراعي ، و أسير بها نحو السيارة ...

لم أجلسها على المقعد المجاور لا ، بل أجلستها ملتصقة بي ، فأنا لا أريد لبضع بوصات أن تبعدها عني ...

رن هاتفي المحمول ، و الذي كان في السيارة ، ألقيت نظرة لا مبالية على اسم المتصل الظاهر في الشاشة ، كان صديقي سيف ، أخذت الهاتف و أسكته ، و ألقيت به جانبا ... فكل شيء قد انتهى ...

انطلقت بالسيارة ببطء ، و أنا لا أعرف إلى أين أتجه ... فكل شيء أمامي كان مبهما و مجهولا ...

قطعت مسافة طويلة في اتجاهات متعددة ، و نار صدري تتأجج ، و دموعي عاجزة عن إطفاء شرارة واحدة منها ...

صغيرتي ، ظلت متشبثة بي ، لا تتكلم ، و تنحدر دمعة من عينها تخترق صدري و تمزق قلمي قبل أن ينتهي بها المصير إلى ملابسها المتعطشة لمزيد من الدموع ...

بعد فترة ، مررت في طريقي بحديقة عامة

و تصورا أي تصرف لا يمت لوضعي بصلة ، هو الذي بدر مني دون تفكير !

" رغد عزيزتي ، ما رأيك باللعب هنا قليلا ؟ "

رغد رفعت بصرها إلي ببراءة و شيء من الاستغراب ... فحتى على طفلة صغيرة محدودة المدارك ، لا يبدو هذا تصرفا طبيعيا ..

" سأشتري بعض البوضا لنا أيضا ! هيا بنا "

و أوقفت السيارة ، و فتحت الباب ، و نزلت و أنزلتها عبر الباب ذاته .

أمسكت بيدها و حثثتها على السير معي نحو مدخل الحديقة

هناك ، كان العدد القليل جدا من الناس يتنزهون ، مع أطفالهم الصغار ، فهو نهار يوم دراسي و حار ...

إنني أعرف أن صغيرتي تحب الأراجيح كثيرا ، لذا ، أخذتها إلى الأرجوحة و بدأت أؤرجحها بخفة ...


تخلخل الهواء ملابسها الغارقة في الدموع ، فجففها ، و صافحت وجهها الكئيب فأنعشته ...

تصوروا أنها ابتسمت لي !

عندما كانت رغد تبتسم ، فإن الدنيا كلها ترقص بفرح في عيني ّ و البهجة تجتاح فؤادي و أي غبار لأي هموم يتبعثر و يتلاشى ...

أما هذه الابتسامة ... فقد قتلتني ...

لم أع لنفسي إلا و الدموع تقفز من عيني ّ قفزا ، و أوصالي ترتجف ارتجافا ، و قلبي يكاد يكسر ضلوعي من شدة و قوة نبضاته ...

تبتسمين يا رغد ؟ بكل بساطة ... و كأن شيئا لم يكن !؟

ألا يا ليتني ... قتلتك يا عماّر يوم تعاركنا ...

ليتني قضيت عليك منذ سنين ...

ليتني أحرقتك قبل أن تحرق قلبي و تدمر ماضي و مستقبلي ... و تحطّم أغلى ما لدي ...

" وليد "

انتبهت على صوت رغد تناديني ، و أنا غارق في الحزن المرير ...

مسحت دموعي بلا جدوى ، فالسيل منهمر و الدمعة تجر الدمعة ...

" نعم غاليتي ؟ "

" هل نشتري البوضا الآن ؟ "

أغمضت عيني ...

و أوقفت الأرجوحة شيئا فشيئا ، فنزلت و استدارت إلي ... فأخذتها في حضني و قلت باكيا و مبتسما :

" نعم يا صغيرتي ، سنشتري البوضا و أي شيء تريدينه ... و كل شيء تتمنينه ...
أي شيء أيتها الحبيبة ... أي شيء ... أي شيء ... "

و انخرطت في بكاء قوي ...

رغد ، تبدلت تعابير وجهها و قالت و هي تندفع للبكاء :

" لا تبكي وليد أرجوك "

و أجهشت بكاءا هي الأخرى ...

جذبتها إلى صدري و طوقتها بحنان و عاطفة ممزقة ... و بكينا سوية بكاءا يعجز اللسان عن وصفه ...

و القلب عن تحمله ..

و الكون عن استيعاب فيض عبره

و امتزجت دموعنا ...

و لو مر أحد منا لبكى ...

و لو شهدتم بكاءنا لخررتم باكيين ...

ألا و حسبنا الله و نعم الوكيل ....






بعد ذلك ، مسحت دموعها و دموعي ، و ابتسمت لها :

" إلى البوضا الآن ! "

حملت الطفلة الصغيرة الحجم الخفيفة الوزن الضئيلة الجسم البريئة الروح على ذراعي ، فهي تحب ذلك ...

و أنا سأفعل كل ما تحبه و تريده ... و لو أملك الدنيا و ما عليها لقدمتها لها فورا ...

قبل الرحيل ...

و هل سيعوّض ذلك شيئا ...؟؟

اشترينا البوضا ، و جلسنا نتناولها قرب النافورة ، و حين فرغت من نصيبها اشتريت لها واحدا آخر ...

و كذلك ، أطعمتها البطاطا المقلية فهي تحبها كثيرا !

أطعمتها بيدي هاتين ...

نعم ... بهاتين اليدين اللتين كثيرا ما اعتنتا بها ... في كل شيء ...

و اللتين قتلتا عمّار قبل قليل ...

و اللتين ستكبلان بالقيود ، و تذهبان إلى حيث لا يمكنني التكهن ...

جعلتها تلعب بجميع الألعاب التي تحبها ، دون قيود و دون حدود ، بل ركبت معها و للمرة الثانية في حياتها ذلك القطار السريع الذي جربنا ركوب مثيله قبل 3 سنوات ...

و كم أسعدتها التجربة الثانية !

نعم ... ببساطة ... أسعدتها !

كأي طفلة صغيرة وجدت فرصة لتلهو ... دون أن تدرك حقائق الأمور ...

لهونا كثيرا ... ، و حين اقترب الموعد الذي يفترض أن أكون فيه عند مدرسة رغد و دانة ، في انتظار خروجهما ...

" عزيزتي ، سنذهب لأخذ دانة من المدرسة ، لا تخبريها عن أي شيء "

نظرت رغد إلي باستفهام ، أمسكت بكتفيها و قلت مؤكدا :

" لا تخبري أحدا عن أي شيء ، أنا سأخبرهم بأنك لم تشائي الذهاب للمدرسة فأخذتك معي ... اتفقنا رغد ؟ عديني بذلك ؟ "

و ضغط على كتفيها و بدا الحزم في عيني ... فقالت :

" حسنا "

قلت مؤكدا :

" أخبريهم فقط أنك ذهبت معي ، و نمت أثناء الطريق و لا تعلمين أي شيء آخر ... لا تأتي بذكر أي شيء آخر رغد ... فهمت ِ عزيزتي ؟ "

" نعم "

" عديني بذلك يا رغد ... عديني "

" أعدك ... وليد "

" إذا أخلفت وعدك ، فإنني سأرحل و لن أعود إليك ثانية "

توجم وجهها ، ثم أمسكت بيدي و شدّت قبضتها بقوة و اغرورقت عيناها بالدموع و تعابيرها بالفزع و قالت :

" لا لا ترحل وليد . أرجوك . لا تتركني . أعدك . أعدك "

وصلنا إلى البيت أخيرا ، بدا الوضع شبه طبيعي ، إلا من سكون غريب من قبل رغد و التي يفترض بها أن تكون مرحة ...

الكل عزا ذلك للحزن الذي يعتريها بسبب سفري المرتقب .

سألتني أمي :

" كيف كان الامتحان ؟ "

قلت :

" سأخبرك بعد الغذاء "

و تركت العائلة تنعم بوجبة هنيئة أخيرة ...

بعد ذلك ، ذهبت إلى غرفة والدي ّ في وقت قيلولتهما الصغيرة ...

" والدي ... والدتي ... لدي ما أخبركما به "

بدا القلق على وجهيهما ، و تلعثمت الكلمات على لساني...

أمي ، حين لاحظت حالتي المقلقة قالت :

" هل الامتحان .... ؟؟ "

قلت :

" لم أحضر الامتحان "

اندهشا و تفاجأا ...

قال والدي :

" لم تحضره ؟ كيف ؟؟ لماذا ؟؟ ماذا حصل ؟؟ "

نظرت إليهما ، و سالت دموعي ... و انهرت ... و طأطأت رأسي للأرض ...

هتفت أمي بقلق و فزع :

" وليد ؟؟ "

أخذت نفسا عميقا ... و رفعت بصري إليهما و بلسان مرتجف و جسد يرتعش و شفتين مترددتين قلت :


" لقد .... قتلت عمّار "







~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~





الهاتف المحمول الخاص بعمار، و الرقم الأخير الذي تم طلبه ، و الأخير الذي تم استقباله فيه ، و توقيت الاتصال ، و توقيت حدوث الوفاة ، و العراك الذي حصل مؤخرا بيني و بينه و تدخلت فيه الشرطة ، و عدم حضوري للامتحان ، كلها أمور قد قادت الشرطة إلي ّ بحيث لم يكن اعترافي ليزيدهم يقينا بأنني الفاعل ...

بقي ... شيء حيّرهم ... تركته ساكنا في قلب الرمال ...

حزام رغد

ما سر وجوده هناك ... ؟؟

أنكرت أي صلة لرغد بالموضوع بتاتا ، و لدى استجوابها أخبرتهم أنها لا تعرف شيئا ، حسب اتفاقنا

سيف أيضا تم التحقيق معه ، و أكد للشرطة أنه حين اتصل بي كنت على مقربة من المبنى حيث قاعة الامتحان

و ظل السؤال الحائر :

لماذا عدت أدراجي ؟

ما الذي دفعني للذهاب إلى شارع المطار ، و الشجار مع عمّار ، و من ثم قتله

لماذا قتلت عمّار ؟؟

ما الذي أخفيه عن الجميع ؟؟

والد صديقي سيف كان محاميا تولى الدفاع عني في القضية ، باعتبار أنني قتلته دون قصد ... و أثناء شجار ... و بدافع كبير أصر على كتمانه ...
و سأظل أكتمه في صدري ما حييت ... فإن هم حكموا بإعدامي ... أخبرت أمي قبل تنفيذ الحكم ...
و إن عشت ، سأقتل السر في صدري إلى أن أعود ... من أجل صغيرتي ...

تعقدت الأمور و تشابكت ... و ظلّ الغامض غامضا و المجهول مجهولا ،
و حكم علي ّ بالسجن لأمد بعيد ...

" أمي ... أرجوك ... لا تخبري رغد بأنني ذهبت للسجن ... اخبريها بأنني سافرت لأدرس ... و سأعود حالما أنتهي ... و قولي لها أن تنتظرني "

" أبي ... أرجوك ... لا تقسو على رغد أبدا ... اعتنوا بها جيدا جميعكم ...
فأنا لن أكون موجودا لأفعل ذلك "

كان ذلك في لقائي الأخير بوالدي ّ ، قبل أن يتم ترحيلي إلى سجن العاصمة حيث سأقضي سنوات شبابي و زهرة عمري فيه ... بدلا من الدراسة في الجامعة ... و أعود إن قدرت لي العودة خريج سجون بدلا من خريج جامعات ... و بمستقبل أسود منته ، بدلا من بداية حياة جديدة و أمل ...


هكذا ، انتهت بي الأحلام الجميلة ...


هكذا ، أبعدت عن رغد ... محبوبتي الصغيرة ، و لم يبق لي منها إلا صورتين كنت قد وضعتهما في محفظتي قبل أيام ...


و ذكريات لا تنسى أحملها في دماغي و أحلم بها كل ليلة ...


و صورتها الأخيرة مطبوعة في مخيلتي و هي تقول :


" لا لا ترحل وليد . أرجوك . لا تتركني "


.................................................. ....

تحياتي ودمتم بود


 

رد مع اقتباس
قديم 12-28-2010, 12:23 AM   #20


الصورة الرمزية بقايا حب
بقايا حب غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2145
 تاريخ التسجيل :  Dec 2010
 أخر زيارة : 03-09-2021 (11:19 PM)
 المشاركات : 828 [ + ]
 التقييم :  113
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Gold
افتراضي رد: رواية (( أنـــــت لــــــــي ))




أشكرك وردة على المتابعة والتفاعل مع الرواية
وهذا الشي أسعدني بكل أمانة
وأتمنى ظروفك تمضي على خير ومثل ماتتمنين
تمنياتي لك بالتوفيق الدائم ..


 

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
لــــــــي, أنـــــت, رواية


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
رواية احبها ولكن الشوق عطري كلك غـــلآ_ للروايات الطويلة 14 12-27-2011 02:02 PM
رواية(جنيه) لدكتور غازي القصيبي آسطوره كلك غـــلآ_ للروايات الطويلة 3 08-19-2011 08:09 AM
رواية أبي أنام بحضنك و أصحيك بنص الليل و أقول ما كفاني حضنك ضمني لك حيل آسطوره كلك غـــلآ_ للروايات الطويلة 137 02-14-2010 08:47 PM
ღ•°•ღ رواية غرامك صار عنواني و أنا قبلك بلا عنوان ღ•°•ღ شموخ أنثى كلك غـــلآ_ للروايات الطويلة 5 01-09-2010 09:36 PM


All times are GMT +3. The time now is 05:17 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.9
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
adv helm by : llssll
new notificatio by 9adq_ala7sas
دعم وتطوير نواف ا
This Forum used Arshfny Mod by islam servant