خلال قرنين من بعد وفاة نبي الإسلام كانت صناعة الكتب منتشرة في كل أنحاء العالم
الإسلامي وكانت الحضارة الإسلامية تدور حول الكتب. فقد كانت توجد المكتبات الملكية
والعامة والخاصة في كل مكان حيث كانت تجارة الكتب ومهنة النساخة رائجة وكان
يقتنيها كل طبقات المجتمع الإسلامي الذين كانوا يقبلون عليها إقبالا منقطع النظير. وكان
الإستعارة الخارجية. وكانت منتشرة في كل الولايات والمدن الإسلامية بدمشق والقاهرة
وكان الكتاب الذي يصدر في دمشق أو بغداد تحمله القوافل التجارية فوق الجمال ليصل
لقرطبة بأسبانيا في غضون شهر. وهذا الرواج قد حقق الوحدة الثقافية وإنتشار اللغة
العربية. وكانت هي اللغة العلمية والثقاقية في شتي الديار الإسلامية. كما كان يعني
بالنسخ والورق والتجليد. مما ماجعل صناعة الكتب صناعة مزدهرة في العالم الإسلامي
لإقبال القراء والدارسين عليها وإقتنائها. وكانت هذه الكتب تتناول شتي فروع المعرفة
والمصاحف وغيرها من آلاف عناوين الكتب. وهذه النهضة الثقافية كانت كافية لازدهار
ازدهارهما في عصريهما الذهبي، كانت الكتب العربية لها قيمتها. وكان من بينها الكتب
النادرة التي كانت تنسخ بالعربية، وكانت المملكتان قد أقامتا المكتبات العامة مع المكتبات
الخاصة.
يعتبر القرن التاسع الميلادي له أهميته في ثبت الحضارة الإسلامية المتنامية. لأن أعمال
العالم المستنير (ت 833) يحثهم علي طلب العلم. وقد أنشأ لهم بيت الحكمة لتكون
أكاديمية البحث العلمي ببغداد تحت رعايته الشخصية. وأقام به مرصداومكتبة ضخمة.
علومها. وكان يشجع الدارسين مهما تنوعت دراستهم. وحقق يهذا التوجه قفزة
حضارية غير مسبوقة رغم وجود النهضة العلمية وقتها. وهذا ما لم يحدث بعد إنشاء
جامعة ومكتبة الإسكندرية في القرن الثالث ق.م. وبأنشاء مرصد تدمر قام الفلكيون
والعلماء بتحديد ميل خسوف القمر ووضعوا جداول لحركات الكواكب وتم تحديد حجم
الأرض، وقاسوا محيطها، فوجدوه 20400 ميل ،وقطرها 6500 ميل. وهذا يدل علي
أن العرب كانوا علي علم وقتها ،بأن الأرض كروية قبل كويرنيق بخمسة قرون. وفي
عصر المأمون عمل الفلكيون في تدمر على وضع خريطة للأرض وأثبت علماء الفلك
دورانها. وقياساتهم تقريبا لها تطابق ما قاسه علماء الفلك بالأقمار الصناعية، وأنهم
كانوا يعتقدون خطأ أنها مركز الكون، يدورحولها القمر والشمس والكواكب. وهذا
الإعتقاد توارد إليهم من فكر الإغريق. واكتشفوا الكثير من النجوم والمجرات السماوية
وسموها بأسمائها العربية التي ما زالت تطلق عليها حتي الآن. وكانت كل الأبحاث في
الفلك والرياضيات قد إنفرد بها العلماء المسلمون وقد نقلوها عن الهنود الذين قد
ترجموها عن الصينيين للعربية وقاموا بتطويرها بشكل ملحوظ.