السارق , عزيزي , قصة

قصة عزيزي السارق

أعلم أنك تحتاج الهاتف ولم تكن لتسرقه لو لم تكن بحاجته، ولأني أحسستُ بإحساسك هذا فلم أضع قفلاً للهاتف كي لا تقضي وقتاً أو تهدر مالاً في محاولة فتحه، يمكنك بكل بساطة أن تفتحه وتبدأ باستخدامه متى شئت، يمكنك أن ترسل رسائلك على الواتساب، لكنني أرجوك ألا تبدأ بمعاكسة صديقاتي هناك.
عزيزي، أعرف أنّ فضولك قد يدفعك لرؤية ملف الصور الشخصية، فالحرامي عادة ما يحوم حول مكان ضحيته كي يعرف شكله وتعابير وجهه بعد أن يُسرق، لكنني أريد أن أوضّح لك أنّك في مأمن تام، خذ راحتك تماماً، لا يوجد صور عائلية قد تعكّر مزاجك، كل صوري عادية، لكنني أتمنى عليك وأرجوك أن تحتفظ بصور كل الطبخات والأكلات التي كنتُ أعدّها، رضي الله عنك يا عزيزي، لا تحذف أياّ منها، فإذا تزوجتُ فلا يوجد لدي أي إثبات على مهارتي في الطبخ غير هذه الصور، أرجوووك أن ترسلها لي عبر البريد الإلكتروني، تجده مكتوباً في الهاتف، أما باقي الصور فيدك طليقة في أن تحذفها كلها أو تحتفظ فيها لنفسك كغنيمة.
حين تيمّم شطر الفيسبوك، وأعلم يقيناً أنك لن تقاوم هذا الإغراء وستذهب هناك حتماً، ليس لشيء إلا لتعرف حجم صداقاتي النسائية،
فاعذرني لتخييب ظنك، فكل أصدقائي على الفيسبوك من الذكور الذين لن تجد فيهم إلا العبوس والجديّة، فأنا شاب لستُ دمثاً ولا خفيف ظل، ولستُ وسيماً أو فارع الطول كي تنجذب الفتيات إليّ، فأعتذر منك اعتذاراً حاراً إن أزعجتك لهذا السبب، وأعِدُك أن أحذف الصور في المرات القادمة قبل أن تسرق هاتفي.
ننتقل إلى أهم ما أملك في الهاتف، الأرقام والأسماء (الكونتاكتس)، أتوسل إليك وأقبّل قدميك ألا تحذف أي شيء منها، أرجوك أن ترسل الأسماء لي، ولو اضطررتَ يا أخي أن تذهب إلى أحد محلات الهواتف كي يأخذ منها نسخة احتياطية وترسلها لي بالبريد الإلكتروني فأكون شاكراً ممنوناً، وسأدفع لك تكاليف ذلك إضافة إلى تكاليف المواصلات والبنزين، أفعل أي شيء في سبيل الأرقام تلك. أرجووووك.
بالنسبة لبيت الهاتف (case)،هو قديم متهالك ومكسور من الجانب الأيسر، فأنا آسف لأنك سرقته على تلك الحال، لم أغيره منذ اشتريته، لكنني كنتُ أفكر في تغيير الهاتف نفسه فأتخلص من الهاتف وبيته معاً، لكنك تجبرني الآن على التغيير، فأنا كعربي لا أتغير إلا غصباً.
وكي تشعر بالراحة أكثر، وتنام مطمئن البال والخاطر، ما زلتُ أحتفظ بعلبة الهاتف الأصلية، وعليها الرقم المتسلسل، لكنني أعدك بألا أبلغ الشرطة بالسرقة، لأنهم لا يسمحون لي بتقديم بلاغ إلا بعد أسبوعين من السرقة بحجة أن السارق ذكي ولن يستخدم الهاتف فوراً، وحين يطمئن ويبدأ باستخدامه فسيقومون بتعقبه وسيمسكون به، طريقة ذكية لا شك، لكنهم يشككون بذكائك أيضاً، وأنا متأكد من حدة ذكائك ومستواه الفائق، وبما أنك محترف فأنا متأكد من أنك ستبدأ باستخدام الهاتف بعد ساعة من سرقتك له وأنت مطمئن البال والفكر، ويحتمل أن تكون قد بعته وأخذتَ مالاً مقابله، أو تكون قد سافرتَ خارج البلاد أيضاً، لا بأس. لكن الشرطة تعرف مصلحتي ومصلحتك أكثر مني ومنك، ولهذا لن أعكر صفوهم بتقديم البلاغ بهاتف قد تكون أنت بحاجته أكثر مني، وأنا أقدّر ظروفك.
عادة ما أنظر إلى الجزء الإيجابي من الأحداث، والجزء الإيجابي في فقد هاتفي هو أنني سأقتني هاتفاً جديداً، فأشكرك على سرقتك للهاتف القديم، وأحب أن ألفت نظرك –وأنت غنيٌّ عن استقبال الملاحظات من أمثالي- أن تأخذ احتياطاتك في المرات القادمة وأنت تسرق هواتف الناس، فليست تسلمُ الجرّة في كل مرّة، الاحتياط واجب في مهنتك، وأنت لست بحاجة إلى وصيّة.

الموضوع الأصلي: قصة عزيزي السارق || الكاتب: همسه غلا || المصدر: منتديات كلك غلا

https://www.klk-gla.com/vb

كلمات البحث

العاب ، برامج ، سيارات ، هاكات ، استايلات