( He didn't say goodbaye )
لم يقل وداعاً ..!!
قبل أكثر من سنة كنت أعمل كمدير لأحد فروع معاهد اللغة الإنجليزية ..
أعتقد إني كنت أصغر مدير بمعاهد كهذه ..
ولذلك لم تكن لغتي الإنجليزية كما يجب أن يكون عليها مدير معهد للغات يضم مدرسين من مختلف الجنسيات ..
لذا كنت أعمل نهاراً وأدرس مساءً 12 ساعة يومياً أقضيها بين هذا وذاك ..
في أحد المرات وكالعادة حضرت متأخر للدرس ..
نظر إلي المدرس الكندي بيتر وهو مثقف جدا جدا لدرجة كبيرة فمن النادر أن تراه يسير بدون كتاب مهما كان نوعه ..!!
قال لي : اليوم مطلوب من كل شخص أن يكتب موضوعاً فلان اختار ان يكتب عن المدرسة و فلان عن قيادة المرأة وووو
إختر موضوعاً وابدأ بكتابته ..
كتبت عنوان الموضوع على رأس الصفحة ..
لكن انتظر دعني أرى عن ماذا ستكتب ؟؟
وكان العنوان ..
Somethings Of My memories
شيء من ذكرياتي ..
نظر إلي بإستغراب وبعد تردد قال : ذكرياتك !! لكن أنت لم تمت بعد !!
: صحيح فالموتى لا يكتبون .
هو : لكن موضوع كهذا سيأخذ وقتاً طويلاً والكثير من الجهد .. غير موضوعك ؟
حاولت أن أغير الموضوع ولكن وكأنه كان مقدر لي ألا أكتب غيره وبعد فترة كتبت موضوعي
كما هو وكيفما كانت الأفكار والذكريات التي أصرت أن تنزل على هذه الأوراق .
وبعد الدرس سألني لماذا لم تغير موضوعك ؟
: عذراً عزيزي بيتر حاولت ولم أستطع ..
وباليوم التالي وبرغم الأخطاء الإملائية الفادحة
إلا أن بيتر أعجب بها .. وبفكرتها .
أما أنا فكانت بالنسبة لي تأدية واجب لاغير ..
وكالعادة تجرى الإختبارات عند نهاية كل شهر ..
بينما أنا في الإختبار كان الاستاذ بيتر وضع سؤالآ :
أكتب عن أحزن قصة حدثت بحياتك في نصف صفحة ..؟
احترت ..!! فالله الحمد والمنه أنا لم أعش حزنا لهذه الدرجة !!
بدأت أحك رأسي ..
أحس بيتر بحيرتي لذا وضع يده على كتفي وقال : أعلم بأنك ستفعها .!!
ابتسمت ابتسامه باهته فأنا يائس !!
وبعد لحظات تدفقت الأفكار ...!!
وكان عنوان القصة .!!
He didn't say goodbaye
لم يقل وداعاً ..
كان القلم ينزلق على الورقه وترسم كلمات بدون توقف فبدلا من نصف صفحة كانت النتيجة صفحة ونصف .!!
بل أنها كانت حزينة جدا جداً
لدرجة أنه باليوم التالي أمسكني بيتر والحزن على وجهه
وقال : أعتذر بأني ذكرتك بهذه القصة الحزينة ..
ابتسمت له وقلت : لا تحزن فهذه القصة من خيالي ولم تحدث معي .
و عندما خرجت النتائج
أمسكني مرة أخرى وقال : انظر لهذه الأخطاء الإملائية ..
لقد كانت كافية لكي تجعلني ارسب بهذه المادة
ولكنه قال : انظروا لهذه القصة هي من حصلت على أفضل علامة بينكم جميعاً..!!
كيف ؟؟
عبر لي عن إعجابه بما كتبته وأنه يجب علي أن أحاول تنمية هذه الكتابات أكثر
لذا ألزمني بأن أكتب كل يوم موضوعاً عن أي شيء أريده !!
وقال : أعلم بأنك ستفعلها ..
كان الأمر بالنسبة لي متعباً وثقيلاً فبعد 12ساعة بين العمل والدراسة أضفت أربع ساعات للكتابة .
كنت دوما أحتار عن ماذا أكتب ؟؟
وبعدها تأتي الأفكار لوحدها مستسلمة لتبث حروفها على هذه الأوراق ..
نعم أحببت الكتابة بل عشقتها
واصبحت افرغ نفسي للكتابه ..
وبعد عدة أشهر قررت العودة لمدينتي ..
لذا قدمت إستقالتي
وذهبت لإستاذي بيتر ودعته وكان يوصيني بأن لا أتوقف عن الكتابه ..
أعطيته ورقه ودعني ووعدني بأنه سيحتفظ بها ..
وكنت قد أمضيت ليلتي السابقة أكتبها ..
لم يكن واجباً يطلبه مني بل أحسست بأنه واجب علي أن أكتب شيئاً لأجله ..
وكانت ..
دائماً هناك يد تمتد لنا
عندما يولد الإنسان وأول مايخرج من رحم والدته تتلقفه أيدي الأطباء واللممرضين , وعندما يبكي تمتد يدي والديه لكي تطمنه وتمسح دموعه .
وعندما يبدأ بمحاولة المشي يجد والديه بجانبه يمدان أيديهما لكي يساعدانه على المشي .
وفي لحظة دخوله لعالمه الجديد عالم المدرسة يمسك الأب يده ويصطحبه معه ..
فدائماً ما يعطينيا الله هذه النعمة ويسخر لنا هذه الأيادي لتقف معنا منذ ولادتنا وترافقنا في مراحل حياتنا ..
أما أنا فكانت اخر يمد امتدت لي في هذه الفتره ساعدتني على اكتشاف شيء ما كان بداخلي ولم أكن قد إلتفت إليه يوما ..
عرفت طرقا جديدة بمساعدتها لقد عرفتني على المعنى الحقيقي للكتابه وأين تكمن متعتها الحقيقة ..
لقد ساعدتني هذه اليد على إستخراج كم كبير من الأفكار والكلمات التي كانت حبيسة بداخلي ..
والآن وجب علي أن أشكرك ياسيد بيتر فأنت من كنت تقف بجانبي وأنت من مددت يدك وساعدتني على فعل ذلك
عندما قلت لي أعلم بأنك ستفعلها ..
لن أنسى جميلك هذا فقد أنجح بيوم من الأيام بان أكون كاتباً يقرأ له الجميع ..
فالله دائماً يسخر لنا أيدي تمتد لمساعدتنا و تشجيعنا وحتى لمواساتنا .
وإذا كانت تلك القصة التي غيرت حياتي كانت بعنوان
لم يقل لي وداعاً
فأنا أيضاً لن أقول لك وداعاً
لأني سأبقى أذكرك دائماً
******************
صفحة من مذكراتي ...
بقايا حب