منتديات كلك غلا - صفحة من تاريخ الخيانة

ربما سيسجل التاريخ أن المقاومة الفلسطينية هي المقاومة الوحيدة التي وقف ضدها العالم كله، من حيث أنها تحارب جيشا، ووراء ذلك الجيش دول كبرى تدعمه بالمال والسلاح والمعلومات، ووراء ذلك كله، دول أخرى تعيش على هامش التاريخ، وتتآمر على الفلسطينيين.

تاريخ فلسطين مليء بقصص البطولة والكرامة والشهامة، وأيضا بقصص المتاجرة والخيانة.

قبل نكبة 1948، حاول الجيش الصهيوني دخول قرية القسطل، المؤدية إلى القدس، وكان الفلسطينيون يجاهدون بقيادة الحاج أمين الحسيني وعبد القادر الحسيني. وقد حاصر عبد القادر الحسيني ومن معه العصابات الصهيونية، وراسل الجامعة العربية لإمداده بالسلاح، وأخبرها أن النصر وشيك، فرفض الحكام العرب. وراسلهم مرة أخرى، فامتنعوا، بل هناك من سخروا منه ومن حماسه. فخاطب عبد القادر الحسيني الحكام العربقائلا:"نحن أحق بالسلاح المُخَزَّن من المزابل، إن التاريخ سيتهمكم بإضاعة فلسطين، وإنني سأموت في القسطل قبل أن أرى تقصيركم وتواطؤكم". ثم خاطب الجميع قائلا:" إنني ذاهب إلى القسطل وسأقتحمها وسأحتلها ولو أدى ذلك إلى موتي. والله لقد سئمت الحياة وأصبح الموت أحب إلي من نفسي من هذه المعاملة التي تعاملنا بها الجامعة. إنني أصبحت أتمنى الموت قبل أن أرى اليهود يحتلون فلسطين. إن رجال الجامعة والقيادة يخونون فلسطين ". وبعدما تأكد له تقاعس الجامعة العربية، أرسل رسالة يحمل فيها العرب مسؤولية ضياع فلسطين، جاء فيها:

مذكرة

السيد الامين العام لجامعة الدول العربية القاهرة

اني أحملكم المسؤولية بعد أن تركتم رجالي في أوج انتصاراتهم بدون عون أو سلاح

امضاء: عبد القادر الحسيني

كان أمين الجامعة العربية آنذاك هو عبد الرحمان عزام، وكان اسماعيل صفوت وطه الهاشمي من قادة القوات العسكرية التابعة للجامعة العربية.

ثم جمع الحسيني بضع مئات من المجاهدين، وقام بالهجوم على القسطل. وكان أداؤهم بطوليا حيث قتلوا 150 يهوديا وجرحوا 80، فانسحب اليهود الآخرون، ودخل المجاهدون وتم تحرير القرية.

وقد تبنت الجامعة العربية خطوة أخرى كانت من اسباب الهزيمة، إذ عملت على الفصل بين القادة الميدانيين، وأمرت كل قائد بعدم التدخل في جبهة قائد آخر لتقديم الدعم.

كانت تلك معركة القسطل التي استشهد فيها عبد القادر الحسيني في شهر أبريل من سنة 1948 وكانت يوما شاهدا على العزة التي تحلى بها الحسيني ورجاله، وشاهدا على الخزي الذي لحق الحكام العرب.

الحكام العرب أوفياء لتاريخهم المليء بالخذلان، والخيانة ليست حالات استثنائية.