أيها الوالد الكريم، أيتها الأم الحنون...
كثيرا ما نذم أبنائنا ونصفهم بأبشع الصفات، وهكذا نهدم أخلاقهم ونحطم نفسياتهم؛ فلماذا لا نعطي لأنفسنا هدنه، ونتوقف ولو ليوم واحد عن السب والشتم واللوم والعتاب، ونستبدلها بالمدح والثناء الصادق، النابع من القلب، ولا أتخيل أبدا أن هناك أب أو أم لا يرون في طفلهم صفات إيجابية.
ولو فرضنا مثلا أن هناك من لايري هذه الصفات الايجابية في طفله؛ فأنصحه بإعادة النظر في نفسه أولًا.. ويمكن احضار ورقة ونقسمها إلي مجموعتين بخط طولي ونكتب خصال طفلك الايجابية من حيث النواحي العقلية والفكرية والعلمية والرياضية والعبادية والأخلاقية في طرف، والصفات السلبية في طرف الورقة الآخر.
وستري بنفسك كم الظلم الواقع تجاه ابنك.
أيها الوالد / أيتها الأم، إن الإنسان جبل على حب المدح والثناء والتقدير، ولا ينفك عنه ذلك، كبيرا كان أم صغيرا.
فلماذا نبخل على أطفالنا بالمدح والثناء، ونصدر لهم الوصف بالفشل والاحباط؟
ولقد رأيت بعيني، تلك الأم التي غيرت من أساليبها التربوية، فبعد ما كانت في الأمس القريب تقول ﻻبنتها التي توسخت يديها نتيجة اللعب؛ ما هذه القذارة، اذهبي لغسل يديك، وتقول لأخواتها، انظرن لأختكم الغير نظيفة؛ فلما استبدلت تلك الكلمات القاسية بكلمات بسيطة؛ ساهمت في تغيير السلوك في مدة زمنية قصيرة. قالت لها إن يداك جميلتان، فحافظي عليهما بالنظافة؛ ففرحت الابنة بهذا المدح والثناء، وأصبحت تحافظ على نظافة يديها وأصبح سلوك داخلي مستديم.
وأتذكر أيضا تلك الأم التي كانت تتعامل مع ابنها المراهق، الذي كان لا يجد الكلمات والتقدير من الأسرة، فإذا تكلم لُطم على وجه، وإذا اقترح أمرًا عوقب بالحرمان؛ فبدأ باستخدام النت، ليثبت لنفسه أنه قادر على الإنجاز؛ وجد نفسه بين مجموعة يقدرونه، نعم انهم صحبة سوء، ولكنه يشعر بالدفء الأسري بينهم، يشعر بعدم التوبيخ واللوم المستمر.
فبالله عليكم ماذا لو استبدل اللطم بالاحتواء، والتوبيخ بالمدح والثناء والإهانة والسب بالنصح والإرشاد؟
.
ايها الاب، أيتها الأم...
كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته...
ولهذا، فلنراعي أبناءنا ولا نظلمهم، فكثير من مشاكلهم نكون نحن السبب فيها، فلنراجع أنفسنا ونستعين بالله، ثم لنخطط لأنفسنا مع أبنائنا حياة آمنة مستقرة، فإن عصفت الريح بعد ذلك فكن مطمئنا، فقد احتويت طفلك في الصغر، فلن يضيع منك في الكبر. ولتعلموا ياسادة أن القسوة مع أولادكم لن تأتيكم إلا بقسوة مماثلة منهم في الكبر؛ فإذا كانوا اليوم ضعفاء ونحن أقوياء، فغدا سينالنا ضعف ويزدادون قوة.
وأخيرا انهي كلماتي بحديث عن الرفق، أوصانا به الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان لا يدعه في الأمور كلها...
" مَا كَانَ الرِّفْقُ فِي شَيْءٍ إِلا زَانَهُ ، وَلا نُزِعَ مِنْ شَيْءٍ إِلا شَانَهُ "
دمتم بخير وإلي كتابات أخري نلتقي بإذن الله.