منتديات كلك غلا

منتديات كلك غلا (https://www.klk-gla.com/vb/index.php)
-   ๑۩۞۩๑ القصص والروايات ๑۩۞۩๑ (https://www.klk-gla.com/vb/forumdisplay.php?f=25)
-   -   قصة جليلة وجولييت (https://www.klk-gla.com/vb/showthread.php?t=46916)

BAYALA 09-06-2017 03:36 PM

قصة جليلة وجولييت
 
في الركن الأيمن من واجهة مقهى تتوسط الشارع العام المكتظ بالسيارات والراجلين,اتخذت لها مكانا استراتجيا , اعتقدت انه سيسمح لها باستراق نظرات لأطفال من العينة التي جاءت من اجلها..شعرها الذهبي ,بشرتها الشقراء وعيناها الخضراوان,هذه الملامح البهية الوافدة من الغرب,أثارت فضول كل العيون المحيطة بها ,وزعت ابتسامات بيضاء على أصحابها ..استسلمت لها وجلست .أشارت إلى النادل,فجاء بفنجان قهوة سوداء,بادلها التحية وانصرف, استندت بمرفقها إلى الطاولة, تنفث دخان لفافتها بصمت ,وتشرب قهوتها بصمت ..ركزت بصرها على الشارع الكبير الصاخب ,أطفال في عمر الزهور باعة متجولون لسجائر رديئة,وآخرون يحملون صكوكا خشبية ,مختصون في تلميع أحذية الكبار..كسرت صمتها ولعنت كل طبول ومزامير المنظمات الحقوقية.. مالت برأسها يمينا وتابعت بعينين جاحظتين طفلة تحمل على متنها محفظة تكاد تتمزق من كثرة امتلاءها..ظهرها مقوس إلى الأمام, تتمايل في مشيتها ,خطواتها البطيئة تتدافع لتتمم رحلتها اليومية إلى المدرسة..وقفت مشدوهة مشدودة أمام هذا المنظر المذهل..أحلم ما تراه ؟ لكن هيهات بين حلم في ليل دجا وحلم اليقظة .. تتوجت في رأسها صورة لامرأة في سفح جبل تحمل على ظهرها كومة من الأشواك والأعواد اليابسة .. كانت تتمنى دوما لوأن الصورة جمعتهما معا فتكون أكثر تعبيرا, امرأتان من نفس العمر ، واحدة تعيش عصرها والثانية تكاد تكون بدائية..تخلت عن فنجان قهوتها, ودعت النادل وأسرعت كسهم طائش نحو الطفلة.أمعنت فيها النظر,لاحظت في عينيها الواسعتين نظرات مظلمة وبقايا سبات..قبلتها ثم سألتها بعربتيها الضعيفة :
ما اسمك؟
بنبرة الأطفال البريئة أجابتها:
-اسمي جليلة.
-يا للصدفة !اسمي يشبه اسمك.
-حقا ؟وما اسمك أنت ؟
-اسمي جولييت.جئت لأطلع على أحوال الأطفال ببلدكم .ماذا تحملين على ظهرك؟
-هذه محفظتي.
أدركت جولييت أن الطفلة أرهقها ثقل المحفظة,نزعتها من ظهرها وقالت بشيء من الإصرار:
سأعينك على حملها إلى أن نصل معا باب المدرسة, أتوافقين؟
-طبعا أوافق.
حملت جولييت المحفظة على متنها,وتذكرت أيام الصبا حين كانت تتوجه إلى مدرستها ممتطية الحافلة ولا تحمل معها إلا فرحتها..سارت بخطى متثاقلة وعيناها الخضرا وان لا تفارقان جليلة ,فقد استقام ظهرها ,واسترجعت خفة البراعم ,فانطلقت تلهو وتمرح إلى حين وصولهما إلى باب المدرسة. سلمت جولييت المحفظة إلى صديقتها,وضعتها على ظهرها فتقوس, اختفت وسط الساحة دامعة العينين, تمشي ببطء شديد كأنها تسحب وراءها جبال الأطلس الشاهقة.لوحت جولييت بيدها مودعة والتفتت بجسمها كله ليختفي باب المدرسة الصدئ خلف ظهرها الرشيق..




All times are GMT +3. The time now is 01:48 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.9
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
adv helm by : llssll
new notificatio by 9adq_ala7sas
دعم وتطوير نواف ا

This Forum used Arshfny Mod by islam servant