تبين له بعد عدة أعوام أن الطريقة التي يعيش بها ينبغي تغييرها, وأنه كان أسير نفسه وسجين يحاول الهروب من سجنه, وجلس يفكر ويفكر وتوصل إلى فكرة جميلة خلاصتها عليلة, لقد كان هذا الشاب يحمل كل معاني الفشل فهو فاشل في عمله وحياته, طول حياته وهو عاطل فكريا وعمليا لم يجد أي طريقة ليخرج من الحالة التي هو فيها, حتى أنه لم يجد من يدله إلى طريق الخلاص من الجحيم الذي هو فيه, فاتضحت له الفكرة أخيرا وأيقن أنه لا سبيل للخروج مما هو فيه إلا بتغيير نمط عيشه والطريقة التي يحيا بها, فكثرة مكوثه في المنزل ومشاهدته لأفلام الخيال العلمي أثرت كثيرا في الجانب التطبيقي للفكرة المجنونة, أراد أن ينجز شيئا عظيما لم ينجزه أي أحد في العالم, وقبل أن نشرح لكم ما فكر فيه جلول دعونا نأخذكم في جولة قصيرة لنتعرف على جلول أكثر.
جلول الشاب الكسول الذي أمضى عقدا مع الفشل مدى الحياة, الكل يعرفونه في الحي بل البعض منهم يدعونه بسيد الكسل, توقف عن الدراسة في الثانوية فالأساتذة لم يفهموا ما كان يضع على ورقة الامتحان, كانت ورقة الامتحان غالبا تحوي رموزا وإشارات ليس لها معنى كان جلول يملأ بها الفراغ, ولقد تم تصنيفيه في العام الثالث مع المجانين وتم طرده نهائيا من التعليم, بعدها توجه للحياة العملية وأي حياة إنها حياة لا ترحم فلم يرغب أي شخص بتوظيفه بسبب ملابسه الرثة ظنا منهم أنه متشرد بل لم يحظ بفرصة الكلام وطلب العمل فقد كان الحارس يطرده من أمام باب الشركة.
فكر جلول وفكر وقرر الجلوس في المنزل والانطلاق في مشروع مفيد يغير به حياته, فبدأ بتدوين تلك الرموز والتي كانت تخطر بباله فلا يدع رمزا إلا ورسمه, فبدأت الرموز تتراكم وجلول يفقد صوابه كل يوم حتى صار مجنونا بحق, أمضى سنوات عديدة وهو يدون ويدون حتى جاء ذلك اليوم الذي خرج فيه عن صمته وصرخ : أريد التغيير.
توقف جلول عن الكتابة وأمضى أيامه القادمة كلها في التفكير والنوم, وبدأ يشاهد أفلام الخيال العلمي كثيرا حتى أصابته الهلوسة من الأفلام فقرر التوقف عن المشاهدة والاكتفاء بالجلوس والتفكير فقط, حتى توصل للفكرة الرائعة والتي تمكنه من التغيير, وتجعله الرجل الذي لطالما كان يحلم بأن يكونه, فأحضر الكراس الذي كان يدون فيه سابقا وانطلق في فكرته العبقرية يكتبها ولم يترك جانبا إلا وتحدث فيه ووضع أيضا زمن الخطة بمعنى كم من الوقت سيمكث في الكتابة وكم من الوقت حتى يطبقه, وعندما رأى جانب التغيير لمح شيئا في أعلى الصفحة, إنه التقرير الذي ينصح بتغيير اسمه إلى اسم قوي يرمز إلى الشدة وغير موجود في الأساطير القديمة ولا الأسماء الحديثة وحتى لو بحث أي شخص عن هذا الاسم في محركات البحث العالمية لن يجد له أثرا.
نظر إلى اسمه ورغب بالتغيير فيه وكتب : جلوس بالشدة فوق اللام, لكن المعنى صار يدل على القعود, ونظر إلى لقبه وكتب : بولعروس , وعند البحث في محركات البحث ظهرت صور للعرائس وأيقن أنه اسم غير مناسب, وجلس يفكر في الاسم الحصري واستغرق منه شهرا ونصف أمضى نصفها في مزج الحروف ما بين اسمه ولقبه واسم أبيه وجيرانه, وقام باختزال عدة حروف قبل أن يتوصل إلى اسم مميز يحمل بضع حروف لينتج لنا : جيساريوس !!
ثم بدأ ينفذ المرحلة الأولى من خطته وهي مرحلة التخطيط, فما هي مرحلة التخطيط؟, وما هو الجديد في حكاية جيساريوس ؟, كل هذا وأكثر نتابعه معا في الحلقة القادمة, كونوا معنا ....