منتديات كلك غلا

منتديات كلك غلا (https://www.klk-gla.com/vb/index.php)
-   ๑۩۞۩๑ القصص والروايات ๑۩۞۩๑ (https://www.klk-gla.com/vb/forumdisplay.php?f=25)
-   -   رواية القرن ...الرجل الظل ..الفصل الثالث..الجزء الخامس (https://www.klk-gla.com/vb/showthread.php?t=51605)

ضوء 04-15-2018 05:55 PM

رواية القرن ...الرجل الظل ..الفصل الثالث..الجزء الخامس
 
الجزء الخامس
"المرآة"
هكذا إذا كنت البارحة في لقاء مع شخص كان يبحث عني لمدة طويلة. لاحت أمامي صورته،جلبابه الصوفي، القب و العصا الخشبية الخشنة و الجلسة المميزة الشيوخ الغير مفيدين في شيء .. لكن وجهه ضاع مني .. هو الذي جاء يبحث عن شبابه في داخلي، هذا ما قاله.
و أنا عن ماذا كنت أبحث قبلها، رجعت و أعدت المذكرات للوراء .. هنا الجواب ! ..
أنا أيضا كنت أبحث عن طفل في السابعة، لكن ما هو السبب ؟ بحثت مجددا في المذكرات لكن لا وجود له .. فقط كتبت أني إلتقيت بطفل شريد ذات ليلة شتوية قارسة سوداء، كنت لحظتها جالسا بجانب الواد الجاف، بعد أن ضاقت بي السيارة الخردة التي أسكن بداخلها منذ طفولتي، و بعد أن انتهيت من إفراغ نفسي من الأحقاد داخلها -أواصل تصفح المذكرات، و العودة إلى تلك اللحظة التي أشعلت مصابيح الانهزام في نفسي - كتبت أنني و أنا جالس أستمتع بنسيم الليل البارد، سمعت صوتا مفاجئا لحفيف أقدام، متبوعا بصفارة سيارة الشرطة. قمت و أسرعت الخطى لأختبأ داخل السيارة الخردة التي أسكن داخلها ..
و شرعت في المراقبة، وصل الطفل و سقط أمامي سقوطا مفاجئا كأنه أسقط من طائرة إيرباص، من السماء نحو الأرض، تمدد أرضا، و أمسك برأسه في راحة يديه، و مد يدا لجيبه لإخراج قطعة خبز .. تناولها بنهم شديد .. دليل على أنه قضى يومه جوعا، شدى لحنا، غنى أغنية، و حكى حكاية، بكى و صرخ، بعدها نام على جنبه الأيمن و جذب ركبتيه لصدره و جعل قطعة كرتون غطاءا و نام في سلام.
كانت الظلمة عاتمة لكني تمكنت من متابعته بعين واحدة من الثقب الذي صنعته في باب السيارة الخردة، في الغد لم أجده مطلقا..أردت أن تراه عيناي مجددا لأنه ترك إحساسا دافئا طفوليا في داخلي.. و كأنني أشاهد فيلما مألوفا ..يبدو لى أحيانا أننى عرفته، وأننى ساعدته، ثم أقول لنفسى بعد ذلك إن هذا مستحيل، من المستحيل أن أكون قد ساعدت أي أحد على الإطلاق.
لكن كيف إلتقيت بالعجوز ذو الجلباب الصوفي، فتشت في المذكرات ظهر لي فقط أنه ذات يوم كنت أبحث عن الطفل الشريد و هو كذلك فالتقينا صدفة قرب زريبة شخص يدعى السي موحا .. امتلكني الملل و الغضب و اجتاحتني الصمت، أدرت وجهي في كل جهات الغرفة الخردة دون أن أثار إلا من السرير، هو الوحيد الذي جذبني ..
عدت إلى السرير، و انبطحت كما في السابق، الوقت يمر و أنا أستمر في الضياع و العبث و مع هذا كله غلبني النوم ..
ورقة فارغة ..
استيقظت حوالي السابعة مساءا .. قمت من فوق السرير و توجهت ناحية النافذة، توقفت لألقي نظرة للخارج..المكان هادئ تتخلله صرخات المتسكعين و المشردين، و نباح كلاب ضالة من وقت لآخر، كما تتخللني رغبة في الخلاص و الخروج للذهاب بعيدا كما حصل معي البارحة، إنها تعيش بداخلي و تمضي معي في كل مكان و يحدث أنها تصعد للأفق في كل مرة أريد أن أتعرف فيها على نفسي و أرى ملامحي ..
الملامح !! هل أمتلك ملامحا ؟؟ المرآة أمامي إنها بجانب النافذة، لقد إقتنيتها كي أفتقد نفسي عند كل خرجة من خرجاتي نحو الآخرين، لكن لماذا كل هذه المعاناة..
و رغم علمي بأنها شرك قذر سوف أقف أمامها مرة أخرى، متجردا من كل قيمي و من كبريائي، وقفت أمامها و رفعت رأسي، و قبل أن أفتح عيناي، إنسللت إلى داخلي و أحسست أنني قد أكون طفلا في السابعة، ذات الطفل الشريد الشقي، و إلتقفته أيادي الظلام الحقيرة .. نعم هناك، هناك ..
في نهاية ذلك الشارع شارع الثورة، تصورت نفسي جاثيا على ركبتي العاريتين، و السماء تدمع علي، برودة قاسية و الناس قلة قليلة، و أنا منحني الرأس أمد يدي المتسخة لتلك القلة القليلة من المارة لنجدتي بقطعة خبز، حتى و لو كانت حافية لأسكت بها جوعي ..
و كذلك تلك الليالي التي تلاحقنا فيها شرطة المدينة لإلحاقنا بمركز الإدماج، و أجري إلى سيارات الخردة خارج المدينة جانب الواد الجاف لأختبأ داخلها ..و تلك اللحظات التي تجدني أسقط عيناي على طفل بين أحضان أبويه و البسمة تغمر ملامحه الطفولية.. و هو ينادي بصوت شجي رقيق يخترق صدري بسهولة ..
إنقطعت عن التفكير على وقع المطر الذي بدأ في التهاطل، و كأنه يريد أن يعيدني إلى شارع الثورة صوتا و صورة، و أن أجسد المشهد بكل واقعية. فتحت عيناي دون أن أوجههما نحو الشرك القذر المنتصب أمامي، و اتجهت بسرعة نحو النافذة لاغلقها كي لا يتسرب الماء لداخل الغرفة. البرد يخترقني لأن معطفي ليس هنا، لكن أين ذهب، لا أعلم المهم أنه ضاع مني البارحة، تناولت رداء النافذة لوضعه على جسدي ..أنا أعاني من الصمت فالكلمات التى أنطقها بنفسي، والتى لا بد من أن تكون قد خرجت بمجهود عقلي، تبدو بالنسبة لي كطنين حشرة، وربما هذا هو أحد الأسباب التى تجعلنى قليل الكلام، أعني أنني أعاني من مشكلة فى الفهم، ليس فقط فهم ما يقوله الآخرون لى، بل فيما أقوله للآخرين أيضا.
أنا أعاني من إنقطاع إحساس الشوق لدي، لقد تحررت منه منذ تلك اللحظة، لا أعتقد ذلك ربما أشتاق النظر لوجهي منذ مدة طويلة لم أفعلها.
لقد تدفأت الآن و سأعود إلى الشرك -المرآة- لأقف أمامه .. إنتصبت جيدا و رفعت رأسي كما في المرة الأولى دون فتح العينان..


All times are GMT +3. The time now is 07:10 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.9
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
adv helm by : llssll
new notificatio by 9adq_ala7sas
دعم وتطوير نواف ا

This Forum used Arshfny Mod by islam servant