المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : القاضي وذو القرنين


العنود بنت خالد
10-17-2017, 11:14 PM
كان ذو القرنين يتفقد أمور ملوكه وعماله بنفسه، وكان لا يطلع على أحد منهم خيانة، إلا أنكر ذلك عليه، وكان لا يقبل ذلك حتى يطلع هو بنفسه.
قال: فبينما هو يسير متنكرا في بعض المدائن، فجلس إلى قاض من قضاتهم أياما، لا يختلف إليه أحد في خصومة، فلما أن طال ذلك بذي القرنين ولم يطلع على شيء من أمر ذلك القاضي، وهمَّ بالانصراف، إذا هو برجلين قد اختصما إليه، فادعى أحدهما فقال: أيها القاضي إني اشتريت من هذا دارا عمرتها، ووجدت فيها كنزا، وإني دعوته إلى أخذه فأبى علي.
فقال له القاضي: ما تقول؟
قال ما دفنت، وما علمت به، فليس هو لي ولا أقبضه منه.
قال المدعي: أيها القاضي مر من يقبضه، فتضعه حيث أحببت، فقال القاضي: تفر من الشر وتدخلني فيه، ما أنصفتني وما أظن هذا في قضاء الملك.
فقال القاضي: هل لكما أمرا نصف مما دعوتماني إليه؟
قالا: نعم.
قال للمدعي: ألك ابن؟
قال: نعم.
وقال للآخر: ألك ابنة؟
قال: نعم.
قال: اذهبا فزوج ابنتك من ابن هذا، وجهزهما من هذا المال، وادفعا فضل ما بقي إليهما يعيشان به فتكونا مليا بخيره وشره.
فعجب ذو القرنين حين سمع ذلك، ثم قال للقاضي: ما ظننت أن في الأرض أحدا يفعل مثل هذا، أو قاض يقضي بمثل هذا، فقال القاضي وهو لا يعرفه: وهل أحد يفعل غير هذا؟
قال ذو القرنين: نعم.
قال القاضي: فهل يمطرون في بلادهم؟
فعجب ذو القرنين من ذلك، وقال: بمثل هذا قامت السموات والأرض.