المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قصة الاميرة سافيتري


كلي حلا
07-09-2017, 11:34 AM
هي واحدة من أفضل القصص المعروفة والأكثر شعبية في الهند، وهى مستقاة من الماهابهاراتا، الملحمة الوطنية الكبرى في الهند التى تعد من الكتب المقدسة بالنسبة للهندوس

كان بالهند فى سالف الأوان ملك له العديد من الزوجات، ولكن ليس له طفل واحد.
فصار يصلى أمام نيران المذبح المقدس بالصباح والمساء ولمدة ثماني عشرة سنة كاملة راجياً من الآلهة ان تهبه الأطفال. وأخيرا، ارتفعت إلهبه مشرقة من النيران وقالت: "أنا سافيتري ، ابنة الشمس، ومن أجل صلاتك قد فزت بابنة لك ".
بالفعل، في غضون سنة رزق الملك وزوجته بابنة سماها "سافيتري" على اسم الإلهة.
وصارت سافيتري أميرة على قدر عظيم من الجمال والذكاء، حتى ان الناس كانت تعتقد انها هي نفسها إلهة. ومع ذلك، فحين حان وقت زواجها، لم يتقدم أي رجل يطلبها للزواج.
وقال لها والدها " إن الرجال الضعفاء يفضلون الابتعاد عن طاقة من النور الباهر مثلك.
فلتخرجى ولتبحثى عن رجل يستحقك وعندها سأتكفل أنا بترتيبات الزواج ".
وهكذا، ارتحلت الأميرة سافيترى من مكان إلى آخر حتى وصلت فى يوم من الأيام إلى صومعة بجوار أحد الأنهار حيث يعيش كثير من الذين غادروا المدن والبلدات لحياة الصلاة والدراسة.
دخلت سافيتري قاعه العبادة وانحنت أمام كبير المعلمين. وبينما هما يتحدثان، إذ دخل القاعة شاب لامع العينين يقود رجل آخر طاعن فى السن، ضرير. "من هو هذا الشاب؟" سألت سافيتري بهدوء. فابتسم المعلم قائلاً "هذا هو الأمير ساتيافان" واضاف "انه دليل والده الذى كان له ملك عظيم سُلب منه. من المعروف جيدا أن اسم ساتيافان يعني ابن الحقيقة، فلا يوجد من هو أغنى منه فضيلة."
حين عادت سافيتري إلى دارها، وجدت والدها جالساً مع رجل متبصِّر يدعى "نارادا". قال الملك "بنيتى، هل وجدت الرجل الذي ترغبين في الزواج منه؟" فردّت من فورها "نعم يا أبى. وجدته. وهو يدعى ساتيافان". فزع نارادا من فوره وقال "لا. ليس ساتيافان ايتها الأميرة ، لا يوجد من الرجال من هو أجدر بك منه، ولكن لا فزواجك منه لا يجب ان يتم! أنا أعرف المستقبل. وسوف يموت سافاتيان بعد سنة واحدة فقط اعتبارا من اليوم. " فقال الملك : "هل سمعت يا ابنتى؟ عليك اختيار زوج غيره! ". ارتعدت سافيتري لكنها قالت فى حزم: "لقد اخترت سافاتيان، ولن اختر مرشح اخر. مهما طال عمره أو قصر أود أن اشاركها معه". وهكذا، لم يمض وقت كثير حتى كان الملك يرتحل مع سافيتري لترتيب الزواج.
شعر سافاتيان بسعادة غامرة أن تقدم له مثل هذه العروس. ولكن والده، الملك الضرير، سأل سافيتري: "هل يمكنك ان تتحمّلى الحياة الصعبة في صومعة؟ هل ستقومين بارتداء ثيابنا البسيطة ومعاطفنا الخشنة؟ هل تأكلين الفواكه والنباتات البرية فقط؟ " فردت عليه سافيتري: "لا تهمنى الراحة أو المشقة، سأكون راضية سواء كنت في قصر أو في صومعة ". في نفس ذلك اليوم، مشت سافيتري وسافاتيان جنبا إلى جنب حول النار المقدسة في قاعة العبادة. أمام جميع الكهنة والنساك ، وأصبحوا زوجاً وزوجة.
عاش الزوجين فى سعادة لمدة عام. ولكن سافيتري لم تنس أبدا أن موت سافاتيان يقترب كل يوم. وأخيرا ، لم يبق سوى ثلاثة أيام. دخلت سافيتري القاعه للعبادة ووقفت أمام النار المقدسة وظلت تصلي لمدة ثلاثة أيام وليال، لم تتناول خلالهم الطعام أو النوم. وحين غادرت سافيتري أخيراً قاعة الصلاة، رأت سافاتيان متوجها الى الغابة ، بفأس على كتفه. هرعت سافيتري إلى جانبه قائلة "سوف آتي معك." وهكذا، مشت سافيتري وسافاتيان يدا في يد فوق التلال الخضراء يتنسمون رائحة البراعم المتفتحة على الاشجار المثمرة ويتوقفان بجانب جداول المياه الرائقة. وبينما سافيتري تستريح إلى جذع أحد الأشجار، آخذ سافاتيان فى تقطيع الحطب من شجرة ساقطة. وفجأة، سقط الفأس من يده وصرخ: "ان رأسي يؤلمنى بشدة". هرعت سافيتري إليه وأرقدته فى ظل شجرة ووضعت رأسه في حجرها. قال سافاتيان فى ألم: "ان جسدي يحترق! ما الذى يحدث لى؟ " ثم ارتخت عينيه وتباطأت أنفاسه. نظرت سافيتري إلى أعلى ففوجئت بأمير يأتي من بين الغابات لتلبيتها كان رجلا مشرقاً على الرغم من جلده الذى كان أشد قتامة من الليل الحالك بينما عيناه وثوبه حمراء كالدم.
ارتجفت سافيتري وبادرته: "من أنت؟" فأجاب بصوت عميق لطيف: "ايتها الأميرة، لم يكن ان تريننى إلا بفضل صلاتك وصومك. انا ياما، إله الموت. وقد حان الوقت الآن. لابد لي ان أقبض روح ساتيافان ". وبالفعل اخرج ياما انشوطة ومررها عبر صدر سافاتيان فتوقف عن التنفس وخرجت الأنشوطة وفى طرفها نسخة مصغرة من سافاتيان. وضعها ياما فى ثويه وقال:"ان السعادة فى انتظار زوجك في مملكتي. فسافاتيان رجل ذو فضل عظيم". ثم استدار مغادراً. هبّت سافيتري من فورها وبدأت تتعقبه. كان ياما يمشي بسلاسة وسرعة عبر الغابة، بينما أخذت سافيتري تصارع من اجل مواكبته. وأخيراً، توقف لمواجهتها. "سافيتري! لا يمكنك اتباعى إلى أرض الموتى!". فاجابت سافيتري "ايها الإله ياما، أنا أعلم ان من واجبك ان تأخذ زوجي. ولكن من واجبي أنا زوجته البقاء بجانبه". فقال ياما: "ايتها الأميرة، ان واجبك تجاهه قد انتهى. ومع ذلك، أنا معجب بولائك. ولذلك سوف امنحك هدية، فلتطلبى أي شيء ما عدا حياة زوجك. " قالت سافيتري: "إذاً فأنا اتمنى استعادة مملكة حماى وبصره". فقال: "لك ذلك." ثم انطلق ياما مرة أخرى تجاه الجنوب تتبعه سافيتري.
بعد فترة توقف ياما مرة أخرى وقال: "سافيتري! لقد اتيت بعيداً بما فيه الكفاية! " فقالت "ايها الإله ياما، أنا أعرف ان زوجي سوف يجد السعادة في ملكوتك، ولكنك تحمل بعيدا السعادة التي هى من حقى أنا! " فقال ياما "ايتها الأميرة، حتى الحب يجب أن ينحني أمام القدر.
ومع ذلك ، أنا معجب بتفانيك. وسوف امنحك هدية آخرى، فلتطلبى أي شيء ما عدا حياة زوجك." فقالت سافيتري " فلتمنح والدى المزيد من الأطفال". قال ياما : "لك ذلك." ثم انطلق ياما مرة أخرى تجاه الجنوب تتبعه سافيتري مرة أخرى.
فوق قمة تل عال توقف ياما مرة أخرى وقال: "سافيتري! نهيتك عن الإقتراب أكثر من ذلك! " فقالت سافيترى "ايها الإله ياما، ان لك الاحترام والتبجيل من قبل الجميع. ومع ذلك ، وبغض النظر عن ما قد يحدث، وسوف أبقى مع سافاتيان!" قال ياما: "ايتها الأميرة ، أنا أقول لك للمرة الأخيرة ، هذا لن يحدث ابداً! ومع ذلك ، أنا معجب بشجاعتك وحزمك. وسوف امنحك هدية آخرى، فلتطلبى أي شيء ما عدا حياة زوجك." فقالت سافيتري: "فلتمنحنى إذن العديد من الأطفال. وليكونوا هم ابناء سافاتيان". اتسعت عينا ياما محدقاً في وجه سافيتري وقال لها "أنت لم تطلبي حياة زوجك ، ولكننى لا استطيع تحقيق رغبتك دون ان أطلق سراحه. ايتها الأميرة، إن حذاقتك فى مثل حدة عزيمتك". اطلق ياما أخيراً روح سافاتيان وحلق مبتعداً وهو يهتف "عودى يا سافيتري. لقد فزت بحياة زوجك." وسرعان ما تختفي عن الانظار.
كانت الشمس قد بدأت الغروب حين وضعت سافيتري رأس سافاتيان في حجرها مرة أخرى. وقد آخذ صدره يعلو ويهبط وفتح عينيه متسائلاً: "هل انقضى اليوم بالفعل؟ لقد نمت طويلا. ولكن ماذا حدث يا حبيبتى؟ لم تبتسمين وتبكين في نفس الوقت؟". قالت سافيتري "حبيبى، هيا بنا نعود إلى دارنا."
أوفى ياما بكل ما وعد. أصبح الملك والد سافيتري أبا لعدد كبير من الأولاد. واستعاد والد سافاتيان بصره ومملكته معاً. وبمرور الوقت، وأصبح ساتيافان ملكاً وزوجته سافيتري ملكة له. وعاشوا طويلا فى سعادة غامرة، ونعموا بكثير من الأطفال. حتى أنهما لم يخافا أو يبكيان عندما جاء ياما مرة أخرى ليحملهما إلى مملكته الأبدية