المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ماذا بعد شهر رمضان ؟! ...


يوسفية الملامح
09-01-2011, 04:42 AM
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد:


أخي المسلم .. أختي المسلمة:
ها نحن قد ودعنا شهر رمضان المبارك، بنهاره الجميل ولياليه العطرة.
ها نحن نودع شهر رمضان شهر الصيام والقيام وتلاوة القرآن،
شهر مغفرة الذنوب وستر العيوب وعمارة القلوب، شهر فتحت فيه أبواب الجنان،
وأغلقت فيه أبواب النيران، شهر كانت فيه مردة الشياطين مصفدة،
والخيرات والرحمات منزلة. شهر تشرق فيه المساجد بالأنوار،
وتكثر الملائكة لصوامه من الاستغفار وتعظم فيه الصدقات،
وتضاعف فيه أعمال البر والخيرات، وتكفر فيه السيئات، وتقال فيه العثرات،
وتدفع فيه النكبات، وترفع فيه الدرجات، شهر قد فاز فيه من صامه
وقامه إيمانًا واحتسابًا وخسر فيه من قال زورًا وبهتانًا.



وتذكر يا أخي ... ويا أختي
بمضي الأيام والليالي وسرعة انقضاء الأعمار، وقرب الرحيل من الديار،
فكم لك من المواعظ فيمن تعرف ممن فارقوا المنازل والقصور،
وما كانوا فيه من النعيم والحبور، فسكنوا الأجداث والقبور،وانتقلوا من ضياء المهور
إلى ظلمة اللحود، فإن السعيد من وعظ بغيره واتعظ وعقل عن الله أمره، فخافه،
وأدى ما عليه فُرِض، وإن الشقي من فرط في ماضيه،ولم ينتفع من أيامه ولياليه،
ولم يتدارك بقية عمره في الإنابة إلى خالقه،وباريه، والمسارعة في التقرب إلى المنعم
عليه بما يرضيه، قبل أن يوقف رغم أنفه بين يديه، وإذا بالمولى سائله فماذا يكون جوابه ؟!
وإذا قرره بما جنته يداه في دنياه، فيما يكون اعتذاره وشهوده من نفسه:
(( الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ )) [يس: 65]،
ومن نوقش الحساب فقد عذب.
فحافظ يا أخي على فعل الطاعات والعبادات التي كنت تقوم بها في رمضان،
وابتعد عن المعاصي والسيئات التي هجرتها في رمضان لأن رب رمضان هو رب شوال
ورب الشهور كلها واجتهد في ذلك غاية جهدك لتفوز بالحياة الطيبة في الدنيا والأجر
الكثير بعد الممات قال الله تعالى:
(( مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ))
[النحل: 97].
أخي في الله ... أختي المسلمة:
لئن انقضى شهر رمضان فإن عمل المؤمن لا ينقضي قبل الموت
قال الله تعالى: وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ [الحجر: 99]،
وقال : «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث ... الحديث» [رواه مسلم من حديث أبي هريرة]،
فلم يجعل لانقطاع العمل سببًا إلا الموت، فلئن انقضى صيام رمضان فإن المؤمن
لم ينقطع صيامه بذلك فما زال الصيام مشروعًا
قال رسول الله عليه الصلاة و السلام:
«من صام رمضان ثم أتبعه ستًا من شوال كان كصيام الدهر» [أخرجه مسلم من حديث أبي أيوب الأنصاري]،
وكذلك صيام ثلاثة من كل شهر وصيام يومي الاثنين والخميس وصيام يوم عرفة
لغير الحاج يكفر السنة الماضية والباقية وكذلك صيام يوم عاشوراء يكفر السنة الماضية،
وكذلك صيام شهر الله المحرم وصيام شعبان، وقد صحت الأحاديث بهذا كله،
ولئن انقضى قيام شهر رمضان فإن القيام لا يزال مشروعًا في كل ليلة من ليالي السنة،
وهذا ثابت من فعل النبي عليه الصلاة و السلام فلقد كان النبي عليه الصلاة و السلام
يقوم من الليل حتى تورمت قدماه، فإذا سئل في ذلك
قال:«أفلا أكون عبدًا شكورًا» [أخرجه البخاري من حديث المغيرة بن شعبة]،
وقال عليه الصلاة و السلام: «أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل»
[أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه].
أخوتي في الله:
إن مواسم الخير بين أيدينا موصلة ومتكررة، فبين أيدينا موسم يتكرر في اليوم والليلة
خمس مرات وهي الصلوات التي فرضها الله علينا، فهي تدعونا لحضورها في
المساجد لنقف بين يدي الله نستغفره ونسأله من فضله،وهناك أيضًا موسم وعيد يتكرر كل أسبوع
وهو يوم الجمعة الذي اختص الله به هذه الأمة، وفيه ساعة الإجابة التي لا يوافقها عبد مسلم
يسأل الله شيئًا لا أعطاه إياه، وبين أيدينا مواسم في جوف الليل وفي وقت الأسحار وفي دبر
كل صلاة من ذكر واستغفار وتوبة وتلاوة للقرآن.


إن فضل الله علينا متواصل ومواسم المغفرة لا تزال متتالية لمن وفقه الله لاغتنامها، فإنه لما انقضى
شهر رمضان، دخلت أشهر الحج إلى بيت الله الحرام، فكما أن من صام رمضان وقامه إيمانًا
واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه، فكذلك من حج البيت ولم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه ..
فما يمضي من عمر المؤمن من ساعات، إلا ولله فيها عليه وظيفة من وظائف الطاعات،
فالمؤمن يتقلب بين هذه الوظائف ويتقرب بها إلى مولاه، فاشكر الله على هذه النعم واغتنمها بطاعته
ولا تضيعها بالغفلة والإعراض عنه.


وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.