قُتِلَ أَصْحَابُ الأُخْدُودِ * النَّارِ ذَاتِ الْوَقُود
إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ * وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ
ذكر أصحاب الأخدود في القرآن بسورة البروج ، وفي أرجح الروايات التاريخية أنها وقعت في نجران
أن حديث القرآن عن هذه القصة هو لاستخراج العبر من هذه القصص
وقد ورد في صحيح مسلم (3005) عن النبي صلى الله عليه وسلم قصة الغلام والساحر والراهب
وأن هذا الغلام قد يكون اسمه "عبدالله" تردد بين الساحر والراهب وأيهم أصدق وأيهم أحب إلى الله سبحانه وتعالى!
وجعل الله له آية في الدابة التي ضربها فماتت ، وخرج الناس وانطلقوا يمشون في طريقهم ، وعالج وزير الملك فشفي
ثم علم به الملك وقرره على الشرك بالله سبحانه وتعالى فأصر هذا الغلام ، فقتله بقوله: « بسم الله رب الغلام »
فآمن الناس كلهم ، وقالوا: آمنا برب الغلام
فخَدَّ أخاديد وحفر لهم في الأرض وعرضهم على النار فمن ارتد منهم تركه ، ومن أصر منهم على التوحيد أحرقه
وإن لم يكن في السياق النبوي نص على أن هذه هي قصة أصحاب الأخدود إلا أن السياق متقارب ، والأقرب أن الرواية واحدة
وعلى ما هو ظاهر من السياق فإن الملك الذي عذبهم هو ملك وثني ، وقد كانت الوثنية موجودة في جنوب الجزيرة
وهناك احتمال آخر ، وهو الأكثر عند المؤرخين ، وهو أن الملك الذي قام بالتعذيب هو يوسف ذو نواس ، وهو يهودي
واليهود كان لهم وجود قوي في اليمن وهيمنة اقتصادية ، فكأن النصارى الذين في نجران صار لهم شوكة وقوة
وكان لهم نفوذ وكان بينهم وبين اليهود اختلاف ، فكأنهم استنجدوا بالملك ذي نواس فأنجدهم وعرض المؤمنين على النار وأحرقهم
وكان من جراء ذلك أن تداعت الأمم النصرانية لنجدة إخوانهم ولقتال هذا الملك الظالم ، وفعلاً جاءت جيوش من الحبشة وغيرها
وهزمت هذا الملك ، حتى إنه يقال: إنه ألقى بنفسه في البحر في آخر الأمر.. (بتصرف من تفسير سورة « البروج » ، د.سلمان بن فهد العودة)
منطقة الاخدود يرتادها شهريا 3000 زائر ، بعد الدخول من البوابة تجد حديقة مزروعة بأشجار الاراك،
وفور الانتهاء منها تجد أمامك قلعة كبيرة مهدمة أجزاؤها ، وتقابلك أثناء الدخول من بابها نقوش ورسوم حيوانية وانسانية
واسماء لاشخاص نقشت على الجدار
بعد ذلك تجد أمامك مكانا مرتفعا، تشاهد أثناء الوقوف عليه كافة المدينة واجزاءها واحياءها
واثناء تنقلك في القلعة المهدمة تجد اماكن للتنقيب والحفريات التي تجري لاكتشاف أثارها
وفي لقاء بالعربيه نت مع صالح آل مريح مدير إدارة الآثار بمنطقة نجران :
ذكر إن "رقمات " أو مدينة الاخدود الاثرية والتي تقع على مساحة 5 كيلو مترات مربعة على الحزام الجنوبي من وادي منطقة نجران
مازال يكتنفها الغموض والأسرار رغم عمليات التنقيب والحفر المتواصل لمدة عشر سنوات متتالية
وأشار إلى أن منطقة الاخدود الأثرية تحتاج إلى مايقارب 30 سنة لمعرفة جميع أسرارها
وان ماتم اكتشافه للآن لايمثل إلا جزءا من آثارها ومعالمها
وعن الخنادق التي اضرمت بها النار والتي اشار اليها القرآن الكريم في قصة أصحاب الاخدود يقول آل مريح:
سميت الاخدود بذلك الاسم نسبة للحفرة التي أمر الملك الحميري (ذو نواس وهو آخر ملوك الدولة الحميرية) بحفرها وتجميع الحطب بها
واحرق من اعتنق "المسيحية" التي كانت ديانة جديدة في ذلك الوقت
لذلك مازالت آثار الحريق بادية في أجزاء المدينة وعلى جدارها ومبانيها
واستطرد: نحن للآن نحاول أن نكتشف الحفرة او الاخدود الذي تم فيه الحرق عبر عمليات التنقيب
والثابت لدينا أن الحريق كان هائلا وقويا جدا حيث انه اشعل المدينه بكاملها
ومازال رماد الحريق موجودا للآن بالاضافة الى عظام للبشر وللحيوانات التي حرقت
رغم مرور آلاف السنين مازالت العظام الهشة السوداء والرماد الكثيفة شاهدة على الحريق الهائل التي اصاب مدينة الاخدود في عام 525 من الميلاد
وأبدى آل مريح دهشته من بقاء المدينة والمباني كما هي منذ حريقها في النصف الأول من الميلاد وقال:
لقد اكتشفت أغرب سر خلال عملي والذي قارب على العشرين عاما ويتمثل في بقاء منطقة الاخدود الأثرية كما هي
فعظام الكائنات التي أحرقت من بشر وحيوانات لم نجدها في مدافن وبقيت كما هي
فراعينا ذلك ولم نضعها في مدافن بعدما أخدنا منها عينات لتحليلها لاكتشاف عمرها الزمني
ويضيف: لقد اجرينا منذ فترة مجسات اختبارية اوضحت لنا أن الاخدود ممتد الى الألف الأول قبل الميلاد
واستمر إلى الألف الأول الميلادي ، وبعدها حدث الحريق وحادثة الاخدود
كما عثرنا على نقوش بالخط المسند ، وهذا الخط له فترة معينة في التاريخ فهو يعاصر ممالك جنوب الجزيرة العربية
وعن جنس البشر الذين كانوا يعيشون هناك ، يقول صالح آل مريح:
هم من جنوب الجزيرة العربية ، ولاتختلف ألوانهم وبشرتهم عن القبائل الموجودة حاليا والساكنة في المنطقة
وذلك من خلال نقوش الارجل والكفوف التي وجدناها ، فلم نجد فرقا بين الانسان القاطن الاخدود في تلك الفترة وبين الإنسان الحالي
وهذا ينفى الزعم بأنهم كانوا عمالقة أو ضخام البنية ، لكنهم كانوا أشداء أقوياء
كما وجدنا بعض الحلي واعتمادهم على الفضة والبرنز والذهب في الزينة
وحول ما تحتويه منطقة الاخدود يضيف أنها "عبارة عن مبان متهدمة باق منها الاساسات والجدران
وبعض القطع الحجرية الضخمة كالرحي ومنطقه السوق التجاري
وينتشر في المدينه الفخار الذي كان الأداة المستخدمة في ذلك الوقت